فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُلِ ٱنظُرُواْ مَاذَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَمَا تُغۡنِي ٱلۡأٓيَٰتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوۡمٖ لَّا يُؤۡمِنُونَ} (101)

قوله : { قُلِ انظروا مَاذَا فِي السموات والأرض } : لما بين سبحانه أن الإيمان لا يحصل إلا بمشيئة الله ، أمر بالنظر والاستدلال بالدلائل السماوية والأرضية ، والمراد بالنظر : التفكر والاعتبار ، أي قل يا محمد للكفار : تفكروا واعتبروا بما في السموات والأرض من المصنوعات الدالة على الصانع ووحدته ، وكمال قدرته . وماذا مبتدأ ، وخبره في السموات والأرض . أو المبتدأ ما ، وذا بمعنى الذي ، وفي السموات والأرض صلته ، والموصول وصلته خبر المبتدأ : أي أيّ شيء الذي في السموات والأرض ، وعلى التقديرين فالجملة في محل نصب بالفعل الذي قبلها . ثم ذكر سبحانه أن التفكر والتدبر في هذه الدلائل لا ينفع في حق من استحكمت شقاوته ، فقال : { وَمَا تُغْنِي الآيات والنذر } أي : ما تنفع على أن ما نافية ، ويجوز أن تكون استفهامية : أي : أيّ شيء ينفع ، والآيات هي التي عبر عنها بقوله : { مَاذَا فِي السموات والأرض } والنذر : جمع نذير ، وهم : الرسل أو جمع إنذار ، وهو المصدر { عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ } في علم الله سبحانه ؛ والمعنى : أن من كان هكذا لا يجدي فيه شيء ، ولا يدفعه عن الكفر دافع .

/خ109