وجملة { قَالَ فَمَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ } مستأنفة جواب سؤال مقدّر ، كأنه قيل : فماذا قال الملك بعد أن أبلغه الرسول ما قال يوسف ؟ والخطب : الشأن العظيم الذي يحق له أن يخاطب فيه صاحبه خاصة ، والمعنى : ما شأنكنّ [ إذ ] راودتنّ يوسف عن نفسه . وقد تقدّم معنى المراودة ، وإنما نسب إليهنّ المراودة ، لأن كل واحدة منهن وقع منها ذلك كما تقدم ، ومن جملة ما شمله خطاب الملك امرأة العزيز ، أو أراد بنسبة ذلك إليهنّ وقوعه منهنّ في الجملة كما كان من امرأة العزيز تحاشياً عن التصريح منه بنسبة ذلك إليها لكونها امرأة وزيره وهو العزيز ، فأجبن عليه بقولهنّ : { قُلْنَ حَاشَ لله } أي : معاذ الله { مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوء } أي : من أمر سيء ينسب إليه ، فعند ذلك { قَالَتِ امرأت العزيز } منزهة لجانبه مقرّة على نفسها بالمراودة له { الآن حصحص الحق } أي : تبين وظهر . وأصله : حصّ ، فقيل : حصحص كما قيل في كبوا : { كبكبوا } [ الشعراء : 94 ] قاله الزجاج ، وأصل الحصّ : استئصال الشيء ، يقال : حصَّ شعره ، إذا استأصله ، ومنه قول أبي قيس بن الأسلت :
قد حَصت البيضةُ رأسي فما *** أطعمُ نوما غيرَ تهجاعِ
والمعنى : أنه انقطع الحق عن الباطل بظهوره وبيانه ، ومنه :
فمن مبلغ عني خِداشا فإنه *** كَذوبٌ إذا ما حَصحَص الحق ظالِمُ
وقيل : هو مشتق من الحصة ، والمعنى : بانت حصّة الباطل . قال الخليل : معناه ظهر الحق بعد خفائه ، ثم أوضحت ذلك بقولها : { أَنَا راودته عَن نَّفْسِهِ } ولم تقع منه المراودة لي أصلاً { وَإِنَّهُ لَمِنَ الصادقين } فيما قاله من تبرئة نفسه ، ونسبة المراودة إليها ، وأرادت بالآن زمان تكلمها بهذا الكلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.