قد تقدّم تحقيق معنى الهجرة في سورة النساء ، وهي ترك الأهل والأوطان ، ومعنى { هاجروا فِي الله } في شأن الله سبحانه وفي رضاه . وقيل : { فِي الله } في دين الله . وقيل : في بمعنى اللام أي : لله { مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا } أي : عذبوا وأهينوا ، فإن أهل مكة عذبوا جماعة من المسلمين حتى قالوا ما أرادوا منهم ، فلما تركوهم هاجروا . وقد اختلف في سبب نزول الآية ، فقيل : نزلت في صهيب وبلال وخباب وعمار . واعترض بأن السورة مكية ، وذلك يخالف قوله : { والذين هاجروا } . وأجيب بأنه يمكن أن تكون هذه الآية من جملة الآيات المدنية في هذه السورة كما قدّمنا في عنوانها ، وقيل : نزلت في أبي جندل بن سهيل ، وقيل : نزلت في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لما ظلمهم المشركون بمكة وأخرجوهم حتى لحق طائفة منهم بالحبشة .
{ لَنُبَوّئَنَّهُمْ فِي الدنيا حَسَنَة } اختلف في معنى هذا على أقوال . فقيل : المراد : نزولهم المدينة ، قاله ابن عباس ، والحسن ، والشعبي ، وقتادة . وقيل : المراد : الرزق الحسن ، قاله مجاهد . وقيل : النصر على عدّوهم قاله الضحاك . وقيل : ما استولوا عليه من فتوح البلاد ، وصار لهم فيها من الولايات . وقيل : ما بقي لهم فيها من الثناء ، وصار لأولادهم من الشرف . ولا مانع من حمل الآية على جميع هذه الأمور . ومعنى { لَنُبَوّئَنَّهُمْ فِي الدنيا حَسَنَة } لنبوئنهم مباءة حسنة ، أو تبوئة حسنة ، فحسنة صفة مصدر محذوف { وَلأَجْرُ الآخرة } أي : جزاء أعمالهم في الآخرة { أَكْبَرَ } من أن يعلمه أحد من خلق الله قبل أن يشاهده ، ومنه قوله تعالى : { وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً } [ الإنسان : 20 ] . { لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } أي : لو كان هؤلاء الظلمة يعلمون ذلك . وقيل : إن الضمير في { يعلمون } راجع إلى المؤمنين ، أي : لو رأوا ثواب الآخرة وعاينوه لعلموا أنه أكبر من حسنة الدنيا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.