فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُمۡ خَشۡيَةَ إِمۡلَٰقٖۖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُهُمۡ وَإِيَّاكُمۡۚ إِنَّ قَتۡلَهُمۡ كَانَ خِطۡـٔٗا كَبِيرٗا} (31)

{ وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إملاق } أملق الرجل : لم يبق له إلاّ الملقات ، وهي الحجارة العظام الملس ، قال الهذلي يصف صائداً :

أتيح لها أقيدر ذو خشيف *** إذا سامت على الملقات ساما

الأقيدر تصغير الأقدر : وهو الرجل القصير ، والخشيف من الثياب : الخلق ، وسامت : مرّت ، ويقال : أملق : إذا افتقر وسلب الدهر ما بيده . قال أوس :

وأملق ما عندي خطوب تنبل *** . . .

نهاهم الله سبحانه عن أن يقتلوا أولادهم خشية الفقر ، وقد كانوا يفعلون ذلك ، ثم بيّن لهم أن خوفهم من الفقر حتى يبلغوا بسبب ذلك إلى قتل الأولاد لا وجه له ، فإن الله سبحانه هو الرازق لعباده ، يرزق الأبناء كما يرزق الآباء ، فقال : { نحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم } ولستم لهم برازقين حتى تصنعوا بهم هذا الصنع ، وقد مرّ مثل هذه الآية في الأنعام ثم علل سبحانه النهي عن قتل الأولاد لذلك بقوله : { إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا } . قرأ الجمهور بكسر الخاء وسكون الطاء وبالهمز المقصور .

وقرأ ابن عامر ( خطأ ) بفتح الخاء والطاء والقصر في الهمز ، يقال : خطئ في دينه خطئاً : إذا أثم ، وأخطأ : إذا سلك سبيل خطأً عامداً أو غير عامد . قال الأزهري ، خطئ يخطأ خطئاً ، مثل : أثم يأثم إثماً ، إذا تعمد الخطأ ، وأخطأ : إذا لم يتعمد إخطاء وخطأ ، قال الشاعر :

دَعِيني إنما خطاء وصدا *** عليَّ وأَنَّ مَا أهلكتُ ، مالي

والخطأ : الاسم يقوم مقام الأخطاء ، وفيه لغتان : القصر ، وهو الجيد ، والمدّ وهو قليل . وقرأ ابن كثير بكسر الخاء وفتح الطاء ومد الهمز . قال النحاس : ولا أعرف لهذه القراءة وجهاً ، وكذلك جعلها أبو حاتم غلطاً . وقرأ الحسن ( خطا ) بفتح الخاء والطاء منوّنة من غير همز .

/خ33