فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّن قَرۡنٍ هُمۡ أَحۡسَنُ أَثَٰثٗا وَرِءۡيٗا} (74)

{ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مّن قَرْنٍ } القرن : الأمة والجماعة { هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً ورئيا } الأثاث : المال أجمع ، الإبل والغنم والبقر والعبيد والمتاع . وقيل : هو متاع البيت خاصة . وقيل : هو الجديد من الفرش . وقيل : اللباس خاصة . واختلفت القراءات في : { ورئياً } فقرأ أهل المدينة وابن ذكوان «ورياً » بياء مشدّدة ، وفي ذلك وجهان : أحدهما : أن يكون من رأيت ثم خففت الهمزة فأبدل منها ياء وأدغمت الياء في الياء والمعنى على هذه القراءة : هم أحسن منظراً وبه قول جمهور المفسرين ، وحسن المنظر يكون من جهة حسن اللباس ، أو حسن الأبدان وتنعمها ، أو مجموع الأمرين . وقرأ أهل الكوفة وأبو عمرو وابن كثير : «ورئياً » بالهمز ، وحكاها ورش عن نافع ، وهشام عن ابن عامر ، ومعناها معنى القراءة الأولى . قال الجوهري : من همز جعله من المنظر من رأيت ، وهو ما رأته العين من حال حسنة وكسوة ظاهرة ، وأنشد أبو عبيدة لمحمد بن نمير الثقفي :

أشاقتك الظعائن يوم بانوا *** بذي الرئي الجميل من الأثاث

ومن لم يهمز : إما أن يكون من تخفيف الهمزة ، أو يكون من رويت ألوانهم أو جلودهم رياً ، أي امتلأت وحسنت .

وقد ذكر الزجاج معنى هذا كما حكاه عنه الواحدي . وحكى يعقوب أن طلحة بن مصرف قرأ بياء واحدة خفيفة ، فقيل : إن هذه القراءة غلط ، ووجهها بعض النحويين أنه كان أصلها الهمزة فقلبت ياء ثم حذفت إحدى الياءين ، وروي عن ابن عباس أنه قرأ بالزاي مكان الراء ، وروي مثل ذلك عن أبيّ بن كعب وسعيد بن جبير والأعصم المكي واليزيدي . والزيّ : الهيئة والحسن . قيل : ويجوز أن يكون من زويت أي : جمعت ، فيكون أصلها زوياً فقلبت الواو ياء ، والزيّ محاسن مجموعة .

/خ80