السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّن قَرۡنٍ هُمۡ أَحۡسَنُ أَثَٰثٗا وَرِءۡيٗا} (74)

{ وكم أهّلكنا قبلهم } ثم بيّن إبهام كم بقوله : { من قرن } شاهدوا ديارهم ورأوا آثارهم { هم } أي : أهل تلك القرون { أحسن } من هؤلاء { أثاثاً } أي : أمتعة { ورئياً } أي : ومنظراً فلو دلّ حصول نعم الدنيا للإنسان على كونه حبيب الله لوجب أن لا يصل إلى هؤلاء غمّ في الدنيا وقرأ قالون وابن ذكوان بإبدال الهمزة ياء وإدغامها في الياء وقفاً ووصلاً وإذا وقف حمزة أبدل الهمزة ياءً وله فيها الإدغام والإظهار .

تنبيه : { كم } مفعول { أهلكنا } مقدّم واجب التقديم لأنّ له صدر الكلام لأنها إمّا استفهامية أو خبرية وهي محمولة على الاستفهامية أي : كثيراً من القرون أهلكنا و{ من قرن } تمييز لكم مبين لها وإنما سمى أهل كل عصر قرناً لأنهم يتقدّمون من بعدهم وقول البيضاوي وهم أحسن صفة لكم تبع فيه الزمخشريّ وغيره ورد بأن كم الاستفهامية والخبرية لا توصف ولا يوصف بها فهم أحسن في محل جر صفة لقرن وجمعه نظراً للمعنى لأنّ القرن مشتمل على أفراد كثيرة .