فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَجَعَلۡنَا ٱبۡنَ مَرۡيَمَ وَأُمَّهُۥٓ ءَايَةٗ وَءَاوَيۡنَٰهُمَآ إِلَىٰ رَبۡوَةٖ ذَاتِ قَرَارٖ وَمَعِينٖ} (50)

ثم أشار سبحانه إلى قصة عيسى إجمالاً فقال : { وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً } أي علامة تدلّ على عظيم قدرتنا ، وبديع صنعنا ، وقد تقدّم الكلام على هذا في آخر سورة الأنبياء في تفسير قوله سبحانه : { وجعلناها وابنها آيَةً للعالمين } [ الأنبياء : 91 ] . ومعنى قوله : { وآويناهما إلى ربوة } إلى مكان مرتفع ، أي جعلناهما يأويان إليها . قيل : هي أرض دمشق ، وبه قال عبد الله بن سلام وسعيد بن المسيب ومقاتل . وقيل : بيت المقدس ، قاله قتادة وكعب وقيل : أرض فلسطين ، قاله السديّ . { ذَاتِ قَرَارٍ } أي ذات مستقرّ يستقرّ عليه ساكنوه { وَمَعِينٍ } أي وماء معين . قال الزجاج : هو الماء الجاري في العيون ، فالميم على هذا زائدة كزيادتها في منبع . وقيل : هو فعيل بمعنى مفعول . قال عليّ بن سليمان الأخفش : معن الماء : إذا جرى فهو معين وممعون وكذا قال ابن الأعرابي : وقيل : هو مأخوذ من الماعون ، وهو النفع . وبمثل ما قال الزجاج قال الفرّاء .

/خ56