فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَقَدۡ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسۡتَطِيعُونَ صَرۡفٗا وَلَا نَصۡرٗاۚ وَمَن يَظۡلِم مِّنكُمۡ نُذِقۡهُ عَذَابٗا كَبِيرٗا} (19)

{ فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ } في الكلام حذف ، والتقدير : فقال الله عند تبري المعبودين مخاطباً للمشركين العابدين لغير الله فقد كذبوكم : أي فقد كذبكم المعبودون بما تقولون : أي في قولكم إنهم آلهة { فَمَا يَسْتَطِيعُونَ } أي الآلهة { صَرْفاً } أي دفعاً للعذاب عنكم بوجه من الوجوه ، وقيل حيلة { وَلاَ نَصْراً } أي : ولا يستطيعون نصركم ، وقيل المعنى : فما يستطيع هؤلاء الكفار لما كذبهم المعبودون صرفاً للعذاب الذي عذبهم الله به ، ولا نصراً من الله ، وهذا الوجه مستقيم على قراءة من قرأ : { تستطيعون } بالفوقية ، وهي قراءة حفص ، وقرأ الباقون بالتحتية ، وقال ابن زيد : المعنى : فقد كذبوكم أيها المؤمنون هؤلاء الكفار بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا فمعنى { بما تقولون } : ما تقولونه من الحق ، وقال أبو عبيد المعنى : فما يستطيعون لكم صرفاً عن الحق الذي هداكم الله إليه ولا نصراً لأنفسهم بما ينزل بهم من العذاب بتكذيبهم إياكم . وقرأ الجمهور { بما تقولون } بالتاء الفوقية على الخطاب . وحكى الفراء أنه يجوز أن يقرأ : { قد كذبوكم } مخففاً بما يقولون : أي كذبوكم في قولهم ، وكذا قرأ بالياء التحتية مجاهد ، والبزي { وَمَن يَظْلِم مّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً } هذا وعيد لكل ظالم ، ويدخل تحته الذين فيهم السياق دخولاً أولياً ، والعذاب الكبير عذاب النار ، وقرىء : " يذقه " بالتحتية ، وهذه الآية وأمثالها مقيدة بعدم التوبة .

/خ24