وجملة : { قَالُواْ سبحانك } مستأنفة جواب سؤال مقدّر ، ومعنى سبحانك : التعجب مما قيل لهم لكونهم ملائكة ، أو أنبياء معصومين ، أو جمادات لا تعقل : أي تنزيهاً لك { مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء } أي ما صح ، ولا استقام لنا أن نتخذ من دونك أولياء فنعبدهم ، فكيف ندعو عبادك إلى عبادتنا نحن مع كوننا لا نعبد غيرك ؟ والوليّ يطلق على التابع كما يطلق على المتبوع ، هذا معنى الآية على قراءة الجمهور { نتخذ } مبنياً للفاعل . وقرأ الحسن وأبو جعفر : { نتخذ } مبنياً للمفعول : أي ما كان ينبغي لنا أن يتخذنا المشركون أولياء من دونك . قال أبو عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر : لا تجوز هذه القراءة ، ولو كانت صحيحة لحذفت من الثانية . قال أبو عبيدة : لا تجوز هذه القراءة لأن الله سبحانه ذكر «من » مرتين ، ولو كان كما قرأ لقال : أن نتخذ من دونك أولياء .
وقيل : إن «من » الثانية زائدة ، ثم حكي عنهم سبحانه : بأنهم بعد هذا الجواب ذكروا سبب ترك المشركين للإيمان ، فقال : { ولكن مَّتَّعْتَهُمْ وَءَابَاءهُمْ حتى نَسُواْ الذكر } وفي هذا ما يدل على أنهم هم الذين ضلوا السبيل ، ولم يضلهم غيرهم ، والمعنى : ما أضللناهم ، ولكنك يا رب متعتهم ، ومتعت آباءهم بالنعم ، ووسعت عليهم الرزق ، وأطلت لهم العمر حتى غفلوا عن ذكرك ونسوا موعظتك والتدبر لكتابك والنظر في عجائب صنعك وغرائب مخلوقاتك . وقرأ أبو عيسى الأسود القارىء " ينبغي " مبنياً للمفعول . قال ابن خالويه : زعم سيبويه أنها لغة ، وقيل المراد بنسيان الذكر هنا هو ترك الشكر { وَكَانُواْ قَوْماً بُوراً } أي وكان هؤلاء الذين أشركوا بك ، وعبدوا غيرك في قضائك الأزليّ قوماً بوراً : أيْ هلكى ، مأخوذ من البوار وهو الهلاك : يقال : رجل بائر وقوم بور ، يستوي فيه الواحد والجماعة لأنه مصدر يطلق على القليل والكثير ، ويجوز أن يكون جمع بائر . وقيل البوار الفساد . يقال بارت بضاعته : أي فسدت ، وأمر بائر : أي فاسد ، وهي لغة الأزد . وقيل المعنى : لا خير فيهم ، مأخوذ من بوار الأرض وهو تعطيلها من الزرع ، فلا يكون فيها خير ، وقيل إن البوار الكساد ، ومنه بارت السلعة إذا كسدت .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.