فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُلۡ أَذَٰلِكَ خَيۡرٌ أَمۡ جَنَّةُ ٱلۡخُلۡدِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۚ كَانَتۡ لَهُمۡ جَزَآءٗ وَمَصِيرٗا} (15)

ثم وبّخهم الله سبحانه توبيخاً بالغاً على لسان رسوله ، فقال { قُلْ أذلك خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الخلد التى وَعِدَ المتقون } والإشارة بقوله { ذلك } إلى السعير المتصفة بتلك الصفات العظيمة : أي أتلك السعير خير أم جنة الخلد ؟ وفي إضافة الجنة إلى الخلد إشعار بدوام نعيمها ، وعدم انقطاعه ، ومعنى { التي وُعِدَ المتقون } التي وعدها المتقون ، والمجيء بلفظ خير هنا مع أنه لا خير في النار أصلاً ، لأن العرب قد تقول ذلك ، ومنه ما حكاه سيبويه عنهم ، أنهم يقولون : السعادة أحبّ إليك أم الشقاوة ؟ وقيل : ليس هذا من باب التفضيل ، وإنما هو كقولك : عنده خير . قال النحاس : وهذا قول حسن كما قال :

أتهجوه ولست له بكفء *** فشركما لخيركما الفداء

ثم قال سبحانه : { كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيراً } أي كانت تلك الجنة للمتقين جزاء على أعمالهم ، ومصيراً يصيرون إليه .

/خ16