فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَٱلۡتَقَطَهُۥٓ ءَالُ فِرۡعَوۡنَ لِيَكُونَ لَهُمۡ عَدُوّٗا وَحَزَنًاۗ إِنَّ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَٰنَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَٰطِـِٔينَ} (8)

والفاء في قوله { فالتقطه ءالُ فِرْعَوْنَ } هي الفصيحة ، والالتقاط : إصابة الشيء من غير طلب ، والمراد بآل فرعون هم الذين أخذوا التابوت الذي فيه موسى من البحر ، وفي الكلام حذف ، والتقدير : فألقته في اليمّ بعد ما جعلته في التابوت ، فالتقطه من وجده من آل فرعون ، واللام في { لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً } لام العاقبة ، ووجه ذلك أنهم إنما أخذوه ؛ ليكون لهم ولداً ، وقرّة عين لا ليكون عدوّاً فكان عاقبة ذلك إنه كان لهم عدوًّا وحزناً ، ولما كانت هذه العداوة نتيجة لفعلهم ، وثمرة له شبهت بالداعي الذي يفعل الفاعل الفعل لأجله ، ومن هذا قول الشاعر :

* لدوا للموت وابنوا للخراب *

قول الآخر :

وللمنايا تربي كل مرضعة *** ودورنا لخراب الدهر نبنيها

قرأ الجمهور { وحزناً } بفتح الحاء والزاي ، وقرأ الأعمش ويحيى بن وثاب وحمزة والكسائي وخلف { وحزنا }ً بضم الحاء وسكون الزاي ، واختار القراءة الأولى أبو عبيدة وأبو حاتم ، وهما لغتان كالعَدَم والعُدْم ، والرَّشَد والرُّشْد ، والسَّقَم والسُّقْم ، وجملة { إِنَّ فِرْعَوْنَ وهامان وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خاطئين } لتعليل ما قبلها ، أو للاعتراض لقصد التأكيد ؛ ومعنى { خاطئين } عاصين آثمين في كل أفعالهم وأقوالهم ، وهو مأخوذ من الخطأ المقابل للصواب ، وقرىء : " خاطين " بياء من دون همزة ، فيحتمل أن يكون معنى هذه القراءة معنى قراءة الجمهور ، ولكنها خففت بحذف الهمزة ، ويحتمل أن تكون من خطا يخطو : أي تجاوز الصواب .

/خ13