فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَأَصۡبَحَ فِي ٱلۡمَدِينَةِ خَآئِفٗا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا ٱلَّذِي ٱسۡتَنصَرَهُۥ بِٱلۡأَمۡسِ يَسۡتَصۡرِخُهُۥۚ قَالَ لَهُۥ مُوسَىٰٓ إِنَّكَ لَغَوِيّٞ مُّبِينٞ} (18)

{ فأصبح في المدينة خائفا يترقب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسى إنك لغوي مبين 18 }

في اليوم التالي أو عقب مقتل القطبي الذي وكزه موسى غدا ابن عمران عليه السلام يتوجس ويستعلم عما هم صانعون به من أجل قتيله ، وينتظر مكروها قد يحل به ، فإذا الإسرائيلي الذي قتل القبطي بسببه يستغيث بموسى عليه السلام ويصيح طالبا عونه ، فقال له موسى إنك لضال ظاهر الشطط ، تسببت في قتل رجل بالأمس ، واليوم تقاتل آخر ، أو إنك الخائب مشاد من لا تطيق دفع شره عنك .

يقول صاحب الجامع لأحكام القرآن : . . الخوف لا ينافي المعرفة بالله والتوكل عليه ، والخوف من الأعداء سنة الله في أنبيائه مع معرفتهم به وثقتهم . . ومنه : حفر النبي الخندق حول المدينة تحصينا للمسلمين وأموالهم ، مع كونه من التوكل والثقة بربه بمحل لم يبلغه أحد ، ثم كان من أصحابه مالا يجهله أحد من تحولهم عن منازلهم ، مرة إلى الحبشة ، ومرة إلى المدينة ، تخوفا على أنفسهم من مشركي مكة وهربا بدينهم أن يفتنوهم عنه بتعذيبهم ، وقد قالت أسماء بنت عميس لعمر- لما قال لها سبقناكم بالهجرة فنحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم منكم- : كذبت{[3017]} يا عمر ، كلا والله ! كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم ، ويعظ جاهلكم ، وكنا في دار- أو أرض- البعداء البغضاء{[3018]} في الحبشة ، وذلك في الله وفي رسوله ، وأيم الله لا أطعم طعاما ولا أشرب حتى أذكر ما قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ! ونحن كنا نؤذى ونخاف – الحديث بطوله أخرجه مسلم . اه


[3017]:كذبت هنا بمعنى أخطأت، وهو استعمال معروف عند اللغوين، يقول: وفي حديث صلاة الوتر كذب أبو محمد أي أخطأ، سماه كذبا، لأنه يشبهه في كونه ضد الصواب. وأبو محمد صحابي واسمه مسعود بن زيد.. وقد أنشدوا بيت الأخطل، ومنه: كذبتك عينك أم رأيت بواسط
[3018]:البعداء: أي في النسب، البغضاء: أي في الدين.