فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَقَدۡ جَآءَكُمۡ يُوسُفُ مِن قَبۡلُ بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَمَا زِلۡتُمۡ فِي شَكّٖ مِّمَّا جَآءَكُم بِهِۦۖ حَتَّىٰٓ إِذَا هَلَكَ قُلۡتُمۡ لَن يَبۡعَثَ ٱللَّهُ مِنۢ بَعۡدِهِۦ رَسُولٗاۚ كَذَٰلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَنۡ هُوَ مُسۡرِفٞ مُّرۡتَابٌ} (34)

ثم زاد في وعظهم وتذكيرهم ، فقال : { وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بالبينات } أي : يوسف بن يعقوب ، والمعنى : أن يوسف بن يعقوب جاءهم بالمعجزات ، والآيات الواضحات من قبل مجيء موسى إليهم ، أي جاء إلى آبائكم ، فجعل المجيء إلى الآباء مجيئاً إلى الأبناء . وقيل المراد بيوسف هنا : يوسف بن إفراثيم بن يوسف بن يعقوب ، وكان أقام فيهم نبياً عشرين سنة . وحكى النقاش عن الضحاك : أن الله بعث إليهم رسولاً من الجنّ يقال له : يوسف ، والأوّل أولى . وقد قيل : إن فرعون موسى أدرك أيام يوسف بن يعقوب لطول عمره { فَمَا زِلْتُمْ في شَكّ مّمَّا جَاءكُمْ بِهِ } من البينات ، ولم تؤمنوا به { حتى إِذَا هَلَكَ } يوسف { قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ الله مِن بَعْدِهِ رَسُولاً } ، فكفروا به في حياته ، وكفروا بمن بعده من الرسل بعد موته { كَذَلِكَ يُضِلُّ الله مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ } أي مثل ذلك الضلال الواضح يضلّ الله من هو مسرف في معاصي الله مستكثر منها مرتاب في دين الله شاكّ في وحدانيته ووعده ووعيده .

/خ40