فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن رِّزۡقٖ فَأَحۡيَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَا وَتَصۡرِيفِ ٱلرِّيَٰحِ ءَايَٰتٞ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (5)

وقرأ الجمهور أيضاً { آياتٌ لقوم يعقلون } بالرّفع وقرأ حمزة والكسائي بنصبها مع اتفاقهم على الجرّ في اختلاف ، أما جرّ اختلاف ، فهو على تقدير حرف الجرّ : أي { و } في { اختلاف الليل والنهار } آيات ، فمن رفع آيات ، فعلى أنها مبتدأ ، وخبرها : في اختلاف ، وأما النصب فهو من باب العطف على معمولي عاملين مختلفين . قال الفراء : الرفع على الاستئناف بعد إنّ ، تقول العرب : إنّ لي عليك مالاً وعلى أخيك مال ، ينصبون الثاني ويرفعونه وللنحاة في هذا الموضع كلام طويل . والبحث في مسألة العطف على معمولي عاملين مختلفين وحجج المجوّزين له وجوابات المانعين له مقرّر في علم النحو مبسوط في مطوّلاته . ومعنى { مَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ } ما يفرقه وينشره { واختلاف الليل والنهار } تعاقبهما أو تفاوتهما في الطول والقصر ، وقوله : { وَمَا أَنَزَلَ الله مِنَ السماء مَّن رِزْقٍ } معطوف على اختلاف ، والرزق المطر ، لأنه سبب لكل ما يرزق الله العباد به ، وإحياء الأرض : إخراج نباتها ، و { مَوْتِهَا } خلّوها عن النبات { وَ } معنى { تَصْرِيفِ الرياح } أنها تهب تارة من جهة ، وتارة من أخرى ، وتارة تكون حارّة وتارة تكون باردة ، وتارة نافعة ، وتارة ضارّة .