قدّم { عَلَى الذين هَادُواْ } على الفعل للدلالة على أن هذا التحريم مختص بهم لا يجاوزهم إلى غيرهم . والذين هادوا : اليهود ، ذكر الله ما حرّمه عليهم عقب ذكر ما حرّمه على المسلمين . والظفر : واحد الأظفار ، ويجمع أيضاً على أظافير ، وزاد الفراء في جموع ظفر : أظافر وأظافرة ، وذو الظفر : ما له أصبع من دابة أو طائر ، ويدخل فيه الحافر والخف والمخلب ، فيتناول الإبل والبقر ، والغنم والأوز والبط ، وكل ما له مخلب من الطير ، وتسمية الحافر ظفراً مجاز . والأولى حمل الظفر على ما يصدق عليه اسم الظفر في لغة العرب ، لأن هذا التعميم يأباه ما سيأتي من قوله : { وَمِنَ البقر والغنم } فإن كان في لغة العرب بحيث يقال على البقر والغنم كان ذكرهما من بعد تخصيصاً حرّم الله ذلك عليهم عقوبة لهم على ما وقعوا فيه من الظلم كما قال تعالى : { فَبِظُلْمٍ مّنَ الذين هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طيبات أُحِلَّتْ لَهُمْ } .
قوله : { وَمِنَ البقر والغنم حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا } لا غير هذه المذكورات كلحمهما ، والشحوم يدخل فيها الثروب وشحم الكلية . وقيل الثروب جمع ثرب ، وهو الشحم الرقيق الذي يكون على الكرش ، ثم استثنى الله سبحانه من الشحوم ما حملت ظهورهما من الشحم ، فإنه لم يحرمه الله عليهم ، و { مَا } في موضع نصب على الاستثناء { أَوِ الحوايا } معطوف على ظهورهما ، أي إلا ما حملت ظهورهما أو حملت الحوايا ، وهي المباعر التي يجتمع البعر فيها ، فما حملته من الشحم غير حرام عليهم ، وواحدها حاوية ، مثل ضاربة وضوارب . وقيل الحوايا : الأمعاء التي عليها الشحوم . قوله : { أَوْ مَا اختلط بِعَظْمٍ } معطوف على «ما » في { مَا حَمَلَتْ } كذا قال الكسائي والفراء وثعلب . وقيل : إن الحوايا وما اختلط بعظم معطوفة على الشحوم . والمعنى : حرّمنا عليهم شحومهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ، إلا ما حملت ظهورهما فإنه غير محرّم ، ولا وجه لهذا التكلف ، ولا موجب له ، لأنه يكون المعنى إن الله حرّم عليهم إحدى هذه المذكورات . والمراد بما اختلط بعظم : ما لصق بالعظام من الشحوم في جميع مواضع الحيوان ، ومنه الإلية فإنها لاصقة بعجب الذنب ، والإشارة بقوله : { ذلك } إلى التحريم المدلول عليه بحرّمنا ، أي ذلك التحريم جزيناهم به بسبب بغيهم . وقيل : إن الإشارة إلى الجزاء المدلول عليه بقوله : { جزيناهم } أي ذلك الجزاء جزيناهم ، وهو تحريم ما حرّمه الله عليهم { وِإِنَّا لصادقون } في كل ما نخبر به ، ومن جملة ذلك هذا الخبر ، وهو موجود عندهم في التوراة ، ونصها «حرّمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وكل دابة ليست مشقوقة الحافر ، وكل حوت ليس فيه سفاسق » أي بياض انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.