فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ ذَلُولٗا فَٱمۡشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزۡقِهِۦۖ وَإِلَيۡهِ ٱلنُّشُورُ} (15)

ثم امتنّ سبحانه على عباده ، فقال : { هُوَ الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض ذَلُولاً } أي سهلة لينة تستقرّون عليها ، ولم يجعلها خشنة بحيث يمتنع عليكم السكون فيها والمشي عليها ، والذلول في الأصل : هو المنقاد الذي يذلّ لك ولا يستصعب عليك ، والمصدر الذلّ ، والفاء في قوله : { فامشوا فِي مَنَاكِبِهَا } لترتيب الأمر بالمشي على الجعل المذكور ، والأمر للإباحة . قال مجاهد والكلبي ومقاتل : مناكبها طرقها وأطرافها وجوانبها . وقال قتادة وشهر بن حوشب : مناكبها جبالها ، وأصل المنكب الجانب ، ومنه منكب الرجل ، ومنه الريح النكباء لأنها تأتي من جانب دون جانب { وَكُلُواْ مِن رّزْقِهِ } أي مما رزقكم وخلقه لكم في الأرض { وَإِلَيْهِ النشور } أي وإليه البعث من قبوركم لا إلى غيره ، وفي هذا وعيد شديد .

/خ21