فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِنۡ أَحَدٞ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ٱسۡتَجَارَكَ فَأَجِرۡهُ حَتَّىٰ يَسۡمَعَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبۡلِغۡهُ مَأۡمَنَهُۥۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡلَمُونَ} (6)

قوله : { وَإِنْ أَحَدٌ مّنَ المشركين استجارك فَأَجِرْهُ } ، يقال : استجرت فلاناً ، أي طلبت أن يكون جاراً : أي محامياً ومحافظاً من أن يظلمني ظالم ، أو يتعرّض لي متعرّض . و { أحد } مرتفع بفعل مقدّر يفسره المذكور بعده : أي وإن استجارك أحد استجارك ، وكرهوا الجمع بين المفسر والمفسر . والمعنى : وإن استجارك أحد من المشركين الذين أمرت بقتالهم فأجره : أي كن جاراً له مؤمناً محامياً { حتى يَسْمَعَ كَلاَمَ الله } منك ويتدبره حق تدبره ، ويقف على حقيقة ما تدعو إليه : { ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ } أي : إلى الدار التي يأمن فيها بعد أن يسمع كلام الله إن لم يسلم ، ثم بعد أن تبلغه مأمنه قاتله فقد خرج من جوارك ورجع إلى ما كان عليه من إباحة دمه ، ووجوب قتله حيث يوجد ، والإشارة بقوله : { ذلك } إلى ما تقدّم من الأمر بالإجارة ، وما بعده { بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ } أي : بسبب فقدانهم للعلم النافع المميز بين الخير والشر في الحال والمآل .

/خ6