تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلۡقُرَىٰ وَمَنۡ حَوۡلَهَا وَتُنذِرَ يَوۡمَ ٱلۡجَمۡعِ لَا رَيۡبَ فِيهِۚ فَرِيقٞ فِي ٱلۡجَنَّةِ وَفَرِيقٞ فِي ٱلسَّعِيرِ} (7)

7

المفردات :

قرآنا عربيا : أنزلناه قرآنا عربيا بلسان قومك .

لتنذر : الإنذار : التخويف .

أم القرى : مكة .

يوم الجمع : يوم القيامة ، سمى بذلك لاجتماع الخلائق فيه ، كما قال تعالى : { يوم يجمعكم ليوم الجمع . . . } ( التغابن : 9 ) .

لا ريب فيه : لا شك في قدومه .

الفريق : الجماعة .

السعير : النار الموقدة المستعرة .

التفسير :

7- { وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير } .

ومثل ذلك الوحي البديع المفهم ، أوحينا إليك قرآنا عربيا قد بلغ الذروة في الفصاحة والبيان ، لتبلغ رسالة الإسلام إلى مكة أم القرى ، فهي بلد البيت الحرام ، وبلد الحرم الآمن ، وبلد رحلة الشتاء إلى اليمن ، ورحلة الصيف إلى الشام .

وقد قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم : ( والله إنك خير أرض الله ، وأحب أرض الله إلى الله ، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت )2 .

{ وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه . . . }

لتخبر الناس بأمر الآخرة ، واجتماع الأولين والآخرين في صعيد واحد للحساب والجزاء ، وهذا أمر يقيني لا شك فيه ، حيث ينقسم الناس إلى قسمين : فريق أطاع وآمن وعمل صالحا ، وكفّ عن المحرمات والمنهيات ، فهو في رحمة الله وجنته ، وفريق آثر الكفر والظلم والبعد عن الإيمان ، فاستحق النار التي تتسعر به .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلۡقُرَىٰ وَمَنۡ حَوۡلَهَا وَتُنذِرَ يَوۡمَ ٱلۡجَمۡعِ لَا رَيۡبَ فِيهِۚ فَرِيقٞ فِي ٱلۡجَنَّةِ وَفَرِيقٞ فِي ٱلسَّعِيرِ} (7)

قوله تعالى : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ( 7 ) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } .

الكاف في اسم الإشارة في موضع نصب صفة لمصدر محذوف ؛ أي مثل ذلك الإيحاء أوحينا إليك هذا القرآن . والمعنى : أنزلنا إليك قرآنا عربيًّا ليكون بلسان قومك كما أرسلنا كل رسول من قبلك بلسان قومه { لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى } أي لتبلِّغ أهل مكة دعوة الحق فتدعوهم إلى التوحيد وعبادة الله وحده ، ومجانبة الشرك والوثنية . وسميت مكة أم القرى ؛ لأنها أفضل مما سواها من المدن . وذلك لشرفها وقداستها وعظيم حرمتها . ومما يدل على ذلك ما رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن عدي بن الحمراء الزهري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو واقف في سوق مكة : " والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلي ، ولولا أني أُخرجت منك ما خرجت " فالله عز وجل يبين في ذلك أن محمدا صلى الله عليه وسلم مرسل من ربه وقد أوحى الله إليه القرآن بَيِّنا جليًّا لينذر به أهل مكة ومن حولها من سائر البلاد شرقا وغربا .

قوله : { وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ } أي لتحذِّر الناس يوم القيامة فيخشعوا ربهم ويبادروا بطاعته وتوحيده والتزام شرعه ومنهاجه . وسمي يوم الجمع ؛ لأن الله يجمع فيه الأولين والآخرين على صعيد واحد ، من أجل الحساب . وهو يوم حافل ومشهود وكائن لا محالة فلا شك في وقوعه البتة . وإذا وقع كان الناس فريقين : فريق ناج وسعيد . وفريق هالك وخاسر . وهو قوله : { فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ } ففريق النجاة والسعادة يلجُون الجنة ليقيموا فيها آمنين منعَّمين . وفريق الخسران والشِّقوة يلبثون في السعير ماكثين حيث النار الحارقة والعذاب الواصب .