تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَا سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَٰلِدِينَ} (73)

المفردات :

سلام عليكم : أمان عظيم عليكم .

طبتم : طهرتم من دنس المعاصي وطاب مثواكم .

التفسير :

73- { وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين } .

ساقت الملائكة المتقين إلى الجنة جماعات جماعات ، كل جماعة تدخل حسب منزلتها ، فالمقربون ثم الأبرار ثم الذين يلونهم ، كل طائفة مع من يناسبهم : الأنبياء مع الأنبياء ، والصديقون مع أمثالهم ، والشهداء مع بعضهم ، والعلماء مع بعضهم ، وكل صنف مع صنف يناسبه .

وسَوْق المتقين يراد به الإسراع بهم إلى دار الكرامة ، أو المراد سَوْق مراكبهم ونجائبهم التي يركبونها .

{ حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها . . . }

حتى وصلوا إلى الجنة ، والحال أن أبوابها مفتحة في انتظارهم ليدخلوها ، كما نجد الضيف العظيم قد اصطف أهل الدر لاستقباله ، وفتّحت الأبواب في انتظار قدومه ، قال تعالى : { جنات عدن مفتحة لهم الأبواب } . ( ص : 50 ) .

{ وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين } .

عند دخول الأتقياء الجنة تحييهم الملائكة ، قال تعالى : { تحيتهم يوم يلقونه سلام . . . } ( الأحزاب : 44 ) .

وهنا نجد أن الملائكة تعبر عن سرورها بالأتقياء ، فيقول لهم : { سلام عليكم . . . } أي : نسلم عليكم سلام تحية وتكريم .

{ طبتم } . طابت أرواحكم بأعمالكم الطيبة ، فطابت مقامكم في دار السلام .

{ فادخلوها خالدين } : فادخلوا الجنة حال كونكم خالدين في ذلك النعيم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَا سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَٰلِدِينَ} (73)

قوله تعالى : { وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها } قال الكوفيون : هذه الواو زائدة حتى تكون جواباً لقوله :{ حتى إذا جاؤوها } كما في سوق الكفار ، وهذا كما قال الله تعالى : { ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء } ( الأنبياء-105 ) أي : ضياء والواو زائدة . وقيل : " الواو " واو الحال ، مجازه وقد فتحت أبوابها فأدخل الواو لبيان أنها كانت مفتحة قبل مجيئهم ، وحذفها في الآية الأولى ، لبيان أنها كانت مغلقة قبل مجيئهم ، فإذا لم تجعل " الواو " زائدة في قوله : { وفتحت أبوابها } اختلفوا في جواب قوله حتى إذا قيل : جوابه قوله :{ جاؤوها } { وقال لهم خزنتها } والواو فيه ملغاة تقديره حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها . وقال الزجاج : القول عندي أن الجواب محذوف ، تقديره :{ حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها } { وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين } دخلوها فحذف لدلالة الكلام عليه . { وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم } يريد أن خزنة الجنة يسلمون عليهم ، ويقولون : طبتم ، قال ابن عباس : طاب لكم المقام ، قال قتادة : إذا قطعوا النار حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار ، فيقتص بعضهم من بعض حتى إذا هذبوا وطيبوا أدخلوا الجنة . فقال لهم رضوان وأصحابه : { سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين } . وروي عن علي عليه السلام قال : سيقوا إلى الجنة فإذا انتهوا إليها وجدوا عند بابها شجرة يخرج من تحت ساقها عينان ، فيغتسل المؤمن من إحداهما ، فيطهر ظاهره ، ويشرب من الأخرى فيطهر باطنه ، وتلقفه الملائكة على أبواب الجنة ، يقولون : { سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين } .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَا سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَٰلِدِينَ} (73)

قوله تعالى : { وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ( 73 ) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ( 74 ) وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } .

بعد الإخبار عن سوْق المجرمين الأشقياء إلى جهنم وهم تزجرهم الملائكة زجرا وتدعُّعهم إلى نار جهنم دعّا ، ذليلين مذعورين عِطاشا – يخبر عقب ذلك عن السعداء الفائزين ، وهم المؤمنون المتقون ؛ إذ يساقون إلى الجنة زمرا ؛ أي جماعة بعد جماعة ، أولهم المقربون ثم الأبرار ثم الذين يلونهم . فالنبيون مع النبيين ، والصدِّيقون مع الصدِّيقين ، والشهداء مع الشهداء ، والعلماء مع نظرائهم ، فيساق الجميع مكرمين مبجلين وهم تحفُّهم ملائكة الرحمة من كل جانب حتى يبلغوا الجنة { حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } جواب إذا محذوف وتقديره : حتى إذا جاءوها فازوا ونعموا{[3999]} والمعنى : حتى إذا وصلوا الجنة وقد فتحت لهم أبوابها إكراما وتعظيما وتلقتهم الملائكة بالبشرى والسلام والثناء – فازوا فوزا عظيما ووجدوا من البشائر والمسرات وأوجه النعم وطيب العيش والمقام ما لم يخطر على بال أحد . أما إثبات الواو في سَوْق أهل الجنة عند قوله : { وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } فقد دل على أن الجنة كانت مُفتّحة قبل أن يجيئها المؤمنون . أما حذفها في سَوْق أهل النار فيدل على أنها كانت مغلقة . وقيل : إنها واو الثمانية . فقد كان من عادة قريش أن يعدّوا من الواحد فيقولون : خمسة ستة سبعة وثمانية . أي إذا بلغوا السبعة قالوا وثمانية . والمعنى الأول أظهر .

قوله : { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ } تحييهم الملائكة وهم خزنة الجنة بالسلام والإكرام ويقولون لهم في تودد ورحمة : طابت أعمالكم وأقولكم وطاب سعيكم وطابت عاقبتكم وما كتب الله لكم من حسن الجزاء { فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ } أي ماكثين فيها ، لابثين لا تخرجون ولا تبرحون .


[3999]:البيان لابن الأنباري ج 2 ص 327