تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{هُوَ ٱلۡأَوَّلُ وَٱلۡأٓخِرُ وَٱلظَّـٰهِرُ وَٱلۡبَاطِنُۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ} (3)

1

المفردات :

الأول : السابق على سائر الموجودات .

الآخر : الباقي عند فنائها .

الظاهر : الذي ظهرت دلائل وجوده وتكاثرت .

الباطن : الذي خفيت عنّا ذاته فلم ترها العيون ، فهو ظاهر بآثاره وأفعاله ، ومشرق بجماله وكماله ، وظاهر بغلبته على مخلوقاته ، وتسخيرها لإرادته ، وباطن بعلمه بما خفي منها ، فلا تخفى عليه خافية .

التفسير :

3- { هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } .

أورد ابن كثير طائفة من الأحاديث عند تفسير هذه الآية ، منها ما يأتي :

عن العرباض بن سارية ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد ، وقال : " إن فيهن آية أفضل من ألف آية " 5 .

4- والآية المشار إليها في الحديث هي – والله أعلم – قوله تعالى : { هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } .

وقد أخرج الحافظ أبو يعلى الموصلي ، عن عائشة أنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بفراشه ، فيفرش له مستقبل القبلة ، فإذا أوى إليه توسد كفه اليمنى ثم همس ، ما أدرى ما يقول ، فإذا كان في آخر الليل رفع صوته فقال : " اللهم رب السماوات السبع ، ورب العرش العظيم ، إله كل شيء ، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان ، فالق الحب والنوى ، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته ، اللهم أنت الأول الذي ليس قبلك شيء ، وأنت الآخر الذي ليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر " 6 . وأخرجه مسلم ، وأحمد .

فالله تعالى أول ليس لوجوده بداية ، ولا لبقائه نهاية .

قال تعالى : { كل من عليها فان*ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } . ( الرحمن : 26-27 ) .

وهو سبحانه ظاهر للعقول بالأدلة والبراهين ، وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد .

وهو سبحانه باطن فلا تدركه الأبصار ، ولا تصل العقول إلى معرفة كنه ذاته .

{ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } .

قد أحاط الله بكل شيء علما ، أحاط علمه بكل ذرة في الكون ، لا يعزب عن علمه شيء في الأرض ولا في السماء ، وهو بكل شيء عليم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{هُوَ ٱلۡأَوَّلُ وَٱلۡأٓخِرُ وَٱلظَّـٰهِرُ وَٱلۡبَاطِنُۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ} (3)

قوله تعالى : { سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير هو الأول والآخر والظاهر والباطن } يعني : هو الأول قبل كل شيء بلا ابتداء ، بل كان هو ولم يكن شيء موجوداً ، والآخر بعد فناء كل شيء ، بلا انتهاء تفنى الأشياء ويبقى هو ، والظاهر الغالب العالي على كل شيء ، والباطن العالم بكل شيء ، هذا معنى قول ابن عباس . وقال يمان : هو الأول القديم والآخر الرحيم ، والظاهر الحليم ، والباطن العليم . وقال السدي : هو الأول ببره إذ عرفك توحيده ، والآخر بجوده إذ عرفك التوبة على ما جنيت ، والظاهر بتوفيقه إذ وفقك للسجود له ، والباطن بستره إذ عصيته فستر عليك . وقال الجنيد : هو الأول بشرح القلوب ، والآخر بغفران الذنوب ، والظاهر بكشف الكروب ، والباطن بعلم الغيوب . وسأل عمر -رضي الله تعالى عنه- كعباً عن هذه الآية فقال : معناها إن علمه بالأول كعلمه بالآخر ، وعلمه بالظاهر كعلمه بالباطن . { وهو بكل شيء عليم } ، أنبأنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أنبأنا عبد الغفار بن محمد ، أنبأنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثني زهير بن حرب ، حدثنا جرير عن سهيل قال : " كان أبو صالح يأمرنا إذا أراد أحدنا أن ينام أن يضطجع على شقه الأيمن ثم يقول : اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب كل شيء ، فالق الحب والنوى ، منزل التوراة والإنجيل والقرآن ، أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته ، أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، اقض عني الدين وأغنني من الفقر " وكان يروى ذلك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{هُوَ ٱلۡأَوَّلُ وَٱلۡأٓخِرُ وَٱلظَّـٰهِرُ وَٱلۡبَاطِنُۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ} (3)

{ هو الأول والآخر } أي : ليس لوجوده بداية ولا لبقائه نهاية .

{ والظاهر والباطن } أي : الظاهر للعقول بالأدلة والبراهين الدالة على الباطن الذي لا تدركه الأبصار أو الباطن الذي لا تصل العقول إلى معرفة كنه ذاته وقيل : الظاهر العالي على كل شيء فهو من قولك ظهرت على الشيء إذا علوت عليه ، والباطن الذي بطن كل شيء أي : علم باطنه ، والأول أظهر وأرجح ، ودخلت الواو بين هذه الصفات لتدل على أنه تعالى جامع لها مع اختلاف معانيها وفي ذلك مطابقة لفظية ، وهي من أحسن أدوات البيان .