الآية 3 وقوله تعالى : { هو الأول والآخر والظاهر والباطن } قالت الباطنية : { الأول } معناه المبدع الأول و{ والآخر } هو المبدع الثاني ، و{ والظاهر } هو الناطق ، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم { والباطن } هو صاحب التأويل .
يقولون : إن [ { الأول } ]{[20558]} المبدع الأول ، ثم للمبدع الثاني المعونة ، فيستعين بها المبدع الأول{[20559]} على خلق هذا العالم وإنشائهم لأنهم يقولون : إن المبدع الثاني ، هو الذي دبر هذا العالم ، وأنشأهم بإعانته{[20560]} المبدع الأول ، والناطق هو الذي دبر الشرائع ، { والباطن } وهو صاحب التأويل ؛ هو الذي يبين الشرائع التي دبرها الناطق ، وهو الرسول عليه السلام .
ولا يصفون الله تعالى أنه{[20561]} { هوالأول والآخر والظاهر والباطن } ويقولون : لا يجوز أن يوصف بهذه الأشياء لأن الأولية تنفي الآخرية ، والظاهر ينفي الباطن ، كل حرف من هذه الحروف يبطل الآخر في الشاهد .
وجوابنا : أن ما قلتم من المبدع الأول والثاني والناطق ليس بشيء له معنى على ما ذكرنا في موضعه .
وأما عندنا فإن قوله تعالى : { هو الأول والآخر والظاهر والباطن } هي حروف التوحيد : هو الأول بذاته والآخر بذاته والظاهر بذاته والباطن بذاته . قال هذا لئلا يعلم ولا يفهم من أوليته أولية غيره ، ولا يفهم من آخريته آخرية غيره . فكذلك لا يفهم من ظاهريته ظاهرية غيره ولا من باطنيته باطنية غيره ؛ لأن في الشاهد من كان له أولية لا يكون له آخرية ، ومن كان له آخرية لا يكون له أولية ، وكذلك من كان له ظاهرية لا يكون له باطنية ، ومن كان له باطنية لا يكون له ظاهرية .
فكل حرف من هذه الحروف مما ينقض الحرف الآخر ، وينفيه في الشاهد ؛ فإنما ذكر هذه الأحرف لنفسه ليعلم ألا يفهم من أوليته أولية الأشياء ، ولا يفهم من آخريته ما يفهم من آخرية الأشياء . وكذلك ما ذكرنا من ظاهريته وباطنيته .
وهذا كما ذكر أنه{ العظيم } [ الشورى : 4 و . . . ] و{ اللطيف } [ الأنعام : 103 و . . . ] وكل واحد في الشاهد مما يناقض الآخر ، وينفيه ؛ ما عظم منه لم يلطف ، وما لطف لم يعظم ، لئلا يفهم من عظمته ما يفهم من عظمة غيره ولا من لطافته[ ما يفهم ]{[20562]} من لطافة غيره ، والله الموفق .
وقال بعضهم : { هو الأول } الذي لا ابتداء له{ والآخر } الذي لا انتهاء له { والظاهر } هو الغالب القاهر الذي لا يغلبه شيء{ والباطن } الذي لا تدركه الأوهام .
وقال بعضهم : { هو الأول } الذي له أولية الأشياء { والآخر } الذي له آخريتها{[20563]} { والظاهر } الحجج والآيات { والباطن } الذي لا تدركه الأوهام ، والله الموفق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.