الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{هُوَ ٱلۡأَوَّلُ وَٱلۡأٓخِرُ وَٱلظَّـٰهِرُ وَٱلۡبَاطِنُۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ} (3)

{ هُوَ الأول } هو القديم الذي كان قبل كل شيء { والآخر } الذي يبقى بعد هلاك كل شيء { والظاهر } بالأدلة الدالة عليه { والباطن } لكونه غير مدرك بالحواس .

فإن قلت : فما معنى الواو ؟ قلت الواو الأولى معناها الدلالة على أنه الجامع بين الصفتين الأولية والآخرية ، والثالثة على أنه الجامع بين الظهور والخفاء . وأما الوسطى ، فعلى أنه الجامع بين مجموع الصفتين الأوليين ومجموع الصفتين الأخريين ، فهو المستمر الوجود في جميع الأوقات الماضية والآتية ، وهو في جميعها ظاهر وباطن : جامع للظهور بالأدلة والخفاء ، فلا يدرك بالحواس . وفي هذا حجة على من جوّز إدراكه في الآخرة بالحاسة . وقيل : الظاهر العالي على كل شيء الغالب له ، من ظهر عليه إذا علاه وغلبهُ . والباطن الذي بطن كل شيء ، أي علم باطنه : وليس بذاك مع العدول عن الظاهر المفهوم .