{ وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فاولئك هم المفلحون . }
ربا : زيادة وفضلا والمراد به : الهداية التي يتوقع بها مزيد مكافأة .
فلا يربو عندالله : فلا يزيد عند الله فهو مباح ولكن لا ثواب فيه .
الزكاة : الصدقة ، لأن السورة مكية والزكاة فرضت في المدينة أو مطلق الإنفاق .
المضعفون : الذين يضاعف الله لهم الثواب والجزاء .
الأول : أن الربا في الآية يراد به : الهدية يقدمها إنسان إلى الأغنياء يرجو أن يعوضوه أحسن منها وهذا مباح وإن كان لا ثواب فيه لأنه قصد بهديته ثواب الدنيا والتربح منها فقد أخذ عوضه من الناس .
الرأي الثاني : أن الآية نزلت في الزيادة التي حرمها الشارع .
الربا نوعان : ربا لا يصح وهو ربا البيع .
وربا لا بأس به وهو هدية الرجل يريد فضلها وإضعافها ثم تلا هذه الآية : وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله .
وقد رجح القاسمي أن هذه الآية في التحذير من الربا المحرم وذكر خمسة أدلة :
الأول : أن هذه الآية شبيهة بقوله تعالى : يمحق الله الربا ويربي الصدقات . . . . ( البقرة : 276 ) وهي في ربا البيع الذي كان فاشيا في أهل مكة ، حتى صار ملكة راسخة فيهم امتصوا بها ثروة كثير من البؤساء مما خرج عن طور الرحمة والشفقة ، والكمال البشرى فنعى عليهم حالهم طلبا لتزكيتهم بتوبتهم منه ثم أكد ذلك في مثل هذه الآية مبالغة في الزجر . xiv
وقد استرسل القاسمي في ذكر أدلة على أن الآية يراد بها الربا الذي حرمه الله تعالى بعد ذلك تحريما قاطعا وأن المقصود من الآية التنفير من الربا على سبيل التدرج في التشريع حتى إذا جاء التحريم النهائي له تقبلته نفوس الناس بدون مفاجأة لهذا التحريم . xv
وقال الألوسي : الظاهر أن المراد بالربا هنا الزيادة المعروفة في المعاملة التي حرمها الشارع ويشهد لذلك ما روى السدي من أن الآية نزلت في ربا ثقيف كانوا يرابون وكذلك كانت قريش تتعاطى الربا .
ورجح الزمخشري في تفسير الكشاف أن المراد بالآية تحري الربا وبيان أن الله لا يبارك للمرابي في ماله بل يبارك للمزكي والمتصدق .
{ وما آتيتم من زكاة تريدون به وجه الله فأولئك هم المضعفون . }
ومن أعطى صدقة أو زكاة يقصد بها وجه الله خالصا فله الثواب المضاعف والجزاء الأفضل عند الله تعالى .
قال تعالى : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة . . . ( البقرة : 245 ) .
وقال سبحانه : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم . . . . ( الحديد : 11 ) .
وقد أخرج البخاري ، ومسلم ، والنسائي ، والترمذي ، وابن ماجة ، وابن خزيمة في صحيحه ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " . . . . . . . . وما تصدق أحد بعدل ثمرة من كسب طيب إلا أخذها الرحمان بيمينه فيربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه او فصيله حتى تصير الثمرة أعظم من حبل أحد " . xvi
قوله عز وجل :{ وما آتيتم من ربا } قرأ ابن كثير : أتيتم مقصوراً ، وقرأ الآخرون بالمد ، أي : أعطيتم ، ومن قصر فمعناه : ما جئتم من ربا ، ومجيئهم ذلك على وجه الإعطاء كما يقول : أتيت خطئاً ، وأتيت صواباً ، فهو يؤول في المعنى إلى قول من مد . { ليربو في أموال الناس } قرأ أهل المدينة ، ويعقوب : لتربوا بالتاء وضمها وسكون الواو على الخطاب ، أي : لتربوا أنتم وتصيروا ذوي زيادة من أموال الناس ، وقرأ الآخرون بالياء وفتحها ، ونصب الواو وجعلوا الفعل للربا لقوله : { فلا يربو عند الله } في أموال الناس ، أي : في اختطاف أموال الناس واجتذابها . واختلفوا في معنى الآية ، فقال سعيد بن جبير ، ومجاهد ، وطاووس ، وقتادة ، والضحاك ، وأكثر المفسرين : هو الرجل يعطي غيره العطية ليثيبه أكثر منها فهذا جائز حلال ، ولكن لا ثواب عليه في القيامة ، وهو معنى قوله عز وجل : { فلا يربو عند الله } وكان هذا حراماً على النبي صلى الله عليه وسلم خاصة لقوله تعالى : { ولا تمنن تستكثر } أي : لا تعط وتطلب أكثر مما أعطيت . وقال النخعي : هو الرجل يعطي صديقه أو قريبه ليكثر ماله ولا يريد به وجه الله . وقال الشعبي : هو الرجل يلتزق بالرجل فيخدمه ويسافر معه فيجعل له ربح ماله التماس عونه ، لوجه الله ، فلا يربوا عند الله لأنه لم يرد به وجه الله تعالى . { وما آتيتم من زكاة } أعطيتم من صدقة { تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون } فيضاعف لهم الثواب فيعطون بالحسنة عشر أمثالها فالمضعف ذو الأضعاف من الحسنات ، تقول العرب : القوم مهزولون ومسمونون : إذا هزلت أو سمنت إبلهم .
قوله تعالى : { الله الذي خلقكم ثم يرزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.