الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَمَآ ءَاتَيۡتُم مِّن رِّبٗا لِّيَرۡبُوَاْ فِيٓ أَمۡوَٰلِ ٱلنَّاسِ فَلَا يَرۡبُواْ عِندَ ٱللَّهِۖ وَمَآ ءَاتَيۡتُم مِّن زَكَوٰةٖ تُرِيدُونَ وَجۡهَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُضۡعِفُونَ} (39)

هذه الآية في معنى قوله تعالى : { يمحق الله الربا ويربي الصدقات } [ البقرة : 278 ] سواء بسواء ، يريد : وما أعطيتم أكلة الربا { مِّن رِباً لِّيَرْبُوَاْ فى } أموالهم : ليزيد ويزكو في أموالهم ، فلا يزكو عند الله ولا يبارك فيه { وَمَآ ءَاتَيْتُم مِّن زكاوة } أي صدقة تبتغون به وجهه خالصاً ، لا تطلبون به مكافأة ولا رياء وسمعة { فأولائك هُمُ المضعفون } ذوو الإضعاف من الحسنات . ونظير المضعف : المقوى والموسر ، لذي القوّة واليسار : وقرىء بفتح العين . وقيل نزلت في ثقيف ، وكانوا يربون . وقيل : المراد أن يهب الرجل للرجل أو يهدي له ، ليعوّضه أكثر مما وهب أو أهدى ، فليست تلك الزيادة بحرام ، ولكن المعوّض لا يثاب على تلك الزيادة . وقالوا : الربا ربوان : فالحرام : كل قرض يؤخذ فيه أكثر منه : أو يجرّ منفعة . والذي ليس بحرام : أن يستدعى بهبته أو بهديته أكثر منها . وفي الحديث : المستغزر يثاب من هبته وقرىء : «وما أتيتم من ربا » بمعنى : وما غشيتموه أو رهقتموه من إعطاء ربا . وقرىء : «لتربوا » ، أي : لتزيدوا في أموالهم ، كقوله تعالى : { وَيُرْبِى الصدقات } أي يزيدها . وقوله تعالى : { فأولئك هُمُ المضعفون } التفات حسن ، كأنه قال لملائكته وخواص خلقه : فأولئك الذين يريدون وجه الله بصدقاتهم : هم المضعفون . فهو أمدح لهم من أن يقول : فأنتم المضعفون . والمعنى : المضعفون به ، لأنه لا بد من ضمير يرجع إلى ما ، ووجه آخر : وهو أن يكون تقديره : فمؤتوه أولئك هم المضعفون . والحذف لما في الكلام من الدليل عليه ، وهذا أسهل مأخذاً ، والأوّل أملأ بالفائدة .