تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَفِي خَلۡقِكُمۡ وَمَا يَبُثُّ مِن دَآبَّةٍ ءَايَٰتٞ لِّقَوۡمٖ يُوقِنُونَ} (4)

المفردات :

يبث : ينشر ويفرق ، يقال : بث الخبر ، يبثه ، نشره وأذاعه .

دابة : كل ما دب على الأرض ومنها الإنسان ، جمعها دواب .

التفسير :

4- { وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون } .

وفي خلق الإنسان وتقلبه من نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى عظام ، ثم إلى مخلوق كامل ، ثم إلى وليد ، ثم تدرجه إلى الشباب والكهولة والشيخوخة والموت ، وما فرق الله في الأرض من أجناس الحشرات والطيور والسباع والوحوش ، وما في البحر من الأصناف المتنوعة ، إن في هذا كله لدلائل تزيد الإيمان يقينا وتأكيدا وصدقا ، بأن خالق هذا الكون قدير حكيم ، فعال لما يريد .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَفِي خَلۡقِكُمۡ وَمَا يَبُثُّ مِن دَآبَّةٍ ءَايَٰتٞ لِّقَوۡمٖ يُوقِنُونَ} (4)

شرح الكلمات

{ وفى خلقكم } : أي وفي خلقكم أيها الناس وتركيب أعضائكم وسلامة بنيانكم .

{ وما بث من دابة } : أي وما خلق ونشر من أنواع الدواب من بهائم وغيرها .

{ آيات لقوم يوقنون } : أي علامات على قدرة الله تعالى على البعث الآخر إذ الخالق لهذه العوالم قادر على إعادتها بعد موتها ، ولكن هذه الآيات لا يراها إلا القوم الموقنون في إيمانهم بربوبية الله وألوهيته وصفات الجلال والكمال له .

المعنى

وقوله : { وفى خلقكم } أيها الناس أي في أطوار خلقكم من نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى بشر سوي الخلقة معتدل المزاج والتركيب له سمع وبصر ونطق وفكر .

{ وما يبث من دابة } أي وما يخلق وما يفرق وينشر في الأرض من أنواع الدواب والبهائم والحيوانات على اختلافها من برية وبحرية { آيات لقوم يوقنون } أي يوقنون في إيمانهم بالله تعالى وآياته ، كما يوقنون بحقائق الأشياء الثابتة لها ، فالواحد مع الواحد اثنان ، والموجود ضد المعدوم ، والأبيض خلاف الأسود ، والابن لا بد له من أب ، والعذب خلاف المر ، فأصحاب هذا اليقين يرون في خلق الإنسان والحيوان آيات دالة على وجود الله وعلمه وعزته وحكمته وقدرته على البعث والجزاء الذي أنكره عادمو العقول من المشركين والكافرين .

/ذ5

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَفِي خَلۡقِكُمۡ وَمَا يَبُثُّ مِن دَآبَّةٍ ءَايَٰتٞ لِّقَوۡمٖ يُوقِنُونَ} (4)

قوله تعالى : " إن في السماوات والأرض " أي في خلقهما " لآيات للمؤمنين ، وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون ، واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق " يعني المطر . " فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون " تقدم جميعه مستوفى في " البقرة " وغيرها{[13771]} . وقراءة العامة وما يبث من دابة آيات " " وتصريف الرياح آيات " بالرفع فيهما . وقرأ حمزة والكسائي بكسر التاء فيهما . ولا خلاف في الأول أنه بالنصب على اسم " إن " وخبرها " في السموات " . ووجه الكسر في " آيات " الثاني العطف على ما عملت فيه ، التقدير : إن في خلقكم وما يبث من دابة آيات . فأما الثالث فقيل : إن وجه النصب فيه تكرير " آيات " لما طال الكلام ، كما تقول : ضرب زيدا زيدا . وقيل : إنه على الحمل على ما عملت فيه " إن " على تقدير حذف " في " . التقدير : وفي اختلاف الليل والنهار آيات . فحذفت " في " لتقدم ذكرها . وأنشد سيبويه في الحذف :

أكلَّ امرئٍ تحسبين امرَأً *** ونارٍ تَوَقَّدُ بالليل نَارَا{[13772]}

فحذف " كل " المضاف إلى نار المجرورة لتقدم ذكرها . وقيل : هو من باب العطف على عاملين . ولم يجزه سيبوبه ، وأجازه الأخفش وجماعة من الكوفيين ، فعطف " واختلاف " على قوله : ( وفي خلقكم ) ثم قال : ( وتصريف الرياح آيات ) فيحتاج إلى العطف على عاملين ، والعطف على عاملين قبيح من أجل أن حروف العطف تنوب مناب العامل ، فلم تقو أن تنوب مناب عاملين مختلفين ؛ إذ لو ناب مناب رافع وناصب لكان رافعا ناصبا في حال . وأما قراءة الرفع فحملا على موضع " إن " مع ما عملت فيه . وقد ألزم النحويون في ذلك أيضا العطف على عاملين ؛ لأنه عطف " واختلاف " على " وفي خلقكم " ، وعطف " آيات " على موضع " آيات " الأول ، ولكنه يقدر على تكرير " في " . ويجوز أن يرفع على القطع مما قبله فيرفع بالابتداء ، وما قبله خبره ، ويكون عطف جملة على جملة . وحكى الفراء رفع " واختلاف " و " آيات " جميعا ، وجعل الاختلاف هو الآيات .


[13771]:راجع ج 2 ص 191 وما بعدها. و ج 14 ص 58.
[13772]:البيت لأبي دؤاد الأيادي.