{ وَفِى خَلْقِكُمْ } إلى آخره ، ويجوز أن يكون على ظاهره وحينئذ يكون على أحد وجهين . أحدهما : إن فيهما لآيات أي ما فيهما من المخلوقات كالجبال والمعادن والكواكب والنيرين وعلى هذا يكون قوله سبحانه { وَفِى خَلْقِكُمْ } من عطف الخاص على العام . والثاني : أن أنفسهما لآيات لما فيها من فنون الدلالة على القادر الحكيم جل شأنه ، وهذا أظهر وهو أبلغ من أن يقال : إن في خلقهما لآيات وإن كان المعنى آيلاً إليه ، و { فِى خَلَقَكُمْ } خبر مقدم وقوله سبحاه : { وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ } عطف على خلق ، وجوز في { مَا } كونها مصدرية وكونها موصولة إما بتقدير مضاف أي وفي خلق ما ينشره ويفرقه من دابة أو بدونه .
وجوز عطفه على الضمير المتصل المجرور بالإضافة وما موصولة لا غير على الظاهر ، وهو مبني على جواز العطف على الضمير المتصل المجرور من غير إعادة الجار وذلك مذهب الكوفيين . ويونس . والأخفش ؛ قال أبو حيان : وهو الصحيح ، واختاره الأستاذ أبو علي الشلوبين ، ومذهب سيبويه . وجمهور البصريين منع العطف المذكور سواء كان الضمير مجرور بالحرف أو بالإضافة لشدة الاتصال فأشبه العف على بعض الكلمة .
وذكر ابن الحاجب في «شرح المفصل » في باب الوقف منه أن بعض النحويين يجوزون العطف في المجرور بالإضافة دون المجرور بالحرف لأن اتصال المجرور بالمضاف ليس كاتصاله بالجار لاستقلال كل واحد منهما بمعناه فلم يشتد اتصاله فيه اشتداد مع الحرف وأجاز الجرمي . والزيادي العطف إذا أكد الضمير المتصل بمنفصل نحو مررت بك أنت وزيد وقوله تعالى : { ءايات } مبتدأ مؤخر والجملة معطوفة على جملة { إِنَّ فِى السموات } [ الجاثية : 3 ] الخ . وقرأ أبي . وعبد الله { لاَيَاتٍ } باللام كذا في «البحر » ولم يبين أن آيات مرفوع أو منصوب ، فإن كان منصوباً فاللام زائدة في اسم إن المتقدم عليه خبرها وهو أحد مواضع زيادته المطردة الكثيرة ، وإن كان مرفوعاً فهي زائدة في المبتدأ ويقل زيادتها فيه ، وحسن زيادتها هنا تقدم إن في الجملة المعطوف عليها فهو كقوله :
إن الخلافة بعدهم لذميمة *** وخلائف ظرف لمما أحقر
وقرأ زيد بن علي { ءايَةً } بالإفراد . وقرأ الأعمش . والجحدري . وحمزة . والكسائي . ويعقوب { ءايات } بالجمع والنصب على أنها عطف على { ءايات } السابق الواقع اسماً لأن و { فِى خَلَقَكُمْ } معطوف على { فِي السموات } فكأنه قيل : وإن في خلقكم وما يبث من دابة آيات { لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } أي من شأنهم أن يوقنوا بالأشياء على ما هي عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.