قوله تعالى : { وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَآبَّةٍ } فيه وجهان :
أظهرهما : أن قوله : «وَمَا يَبُثُّ » معطوف على «خَلْقِكُمْ » المجرور بفي والتقدير : وفيمَا يَبُثُّ{[50498]} .
الثاني : أنه معطوف على الضمير المخفوض{[50499]} بالخلق وذلك على مذهب من يرى العطف على الضمير المجرور دون إعادة الجار{[50500]} . واستقبحه الزمخشري وإن أُكِّدَ ، نحو : مَرَرْتُ بِكَ أَنْتَ وَزَيْدٍ{[50501]} يشير بذلك إلى مذهب الجَرْميّ{[50502]} ، فإنه يقول : إن أكّدَ جاز ، وإِلاَّ فَلاَ . فقوله مذهب ثالث{[50503]} .
قوله : { آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } و{ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } . وقرأ آيات بالكسر في الموضعين الأخوان{[50504]} والباقون برفعهما ، ولا خلاف في كسر الأولى ؛ لأنها اسم «إن » فأما آيات لقوم يوقنون بالكسر فيجوز فيها وجهان :
أحدهما : أنها معطوفة على اسم «إن » والخبر قوله : { وَفِي خَلْقِكُمْ } كأنه قيل : وإنَّ فِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَات{[50505]} .
والثاني : أن تكون{[50506]} كررت توكيداً «لآيَات » الأُوْلَى ، ويكون «في خلقكم » معطوفاً على «السَّموَات » كرر معه حرف الجر توكيداً . ونظيره أن تقول : إنَّ في بَيِْتِكَ زَيْداً وفي السّوقِ زَيْداً فزيد الثاني توكيد للأول كأنك قلت : إنَّ زَيْداً زَيْداً فِي بَيْتِكَ وفِي السُّوق .
وليس في هذا عطف على معمولي عاملين البتة{[50507]} وقد وهم أبو البقاء فجعلها من ذلك فقال : آيات لقوم يوقنون بكسر الثانية وفيه وجهان :
أحدهما : أن «إن » مضمرة حذفت لدلالة «إن » الأولى عليها ، وليست «آيات » معطوفة على آيات الأولى ، لما فيه من العطف على معمولي عاملين .
والثاني : أن تكون كررت للتأكيد{[50508]} ، لأنها من لفظ «آيات » الأولى ، وإعرابها كإعرابها كقولك : إنَّ بِثَوْبِكَ دَماً وَبِثَوْبِ زَيْدٍ دماً ، فَدَم الثاني مكرر ، لأنك مستغنٍ عن ذكره انتهى{[50509]} .
فقوله : وليست معطوفة على «آيات » الأولى لما فيه من العطف على معمولي عاملين وهمٌ أين{[50510]} معمول العامل الآخر ؟ وكأنه توهم أن «في » ساقطة من قوله : { وَفِي خَلْقِكُمْ } أو اختلطت عليه { آيات لقوم يعقلون } بهذه ، لأن تِيكَ فيها ما يوهم العطف على عاملين{[50511]} . وقد ذكره هو أيضاً{[50512]} . وأما الرفع{[50513]} فمن وجهين أيضاً :
أحدهما : أن يكون «فِي خَلْقِكُمْ » خبراً مقدماً ، و«آياتٌ » مبتدأ مؤخراً ، وهي جملة معطوفة على جملة مؤكدة بإِن .
والثاني : أن تكون معطوفة على «آيات » الأولى اعتباراً بالمحل{[50514]} عند من يجيز ذلك ، لا سيما عند من يقول : إنه يجوز ذلك بعد الخبر بإجماع{[50515]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.