تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{۞وَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ضُرّٞ دَعَا رَبَّهُۥ مُنِيبًا إِلَيۡهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُۥ نِعۡمَةٗ مِّنۡهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدۡعُوٓاْ إِلَيۡهِ مِن قَبۡلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادٗا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِۦۚ قُلۡ تَمَتَّعۡ بِكُفۡرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلنَّارِ} (8)

تناقض الكفار واستقامة المؤمنين

{ وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعوا إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار ( 8 ) أمن هو قانت أناء الليل ساجدا أو قائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب ( 9 ) قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ( 10 ) }

المفردات :

ضر : شدة من البلاء والفقر .

منيبا إليه : راجعا إليه .

خوله نعمة : أعطاه وملكه نعمة عظيمة ، والأصل : أعطاك خولا – بفتحتين – أي : عبيدا وخدما ، ثم عمم لمطلق العطاء .

التفسير :

8-{ وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعوا إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار } .

من شأن الإنسان أن يذكر ربّه ويتضرع إليه في البأساء والشدة ، وأن يلجأ إليه عند المرض والمصاب والأمر الجلل ، ثم إذا أنعم الله عليه بالنعم المتعددة ، نسي الشدّة التي لجأ إلى الله من أجلها ، أو نسي الربّ الذي دعاه في البأساء ، وأخذ يتقرب إلى الأنداد والشركاء ، التي يضلّ بها عن سبيل الله وطريقه ، وهنا يهدد الله المعرضين عنه بالعذاب الشديد في الآخرة ، وينذر المُعرض بأن ما يتمتع به في الدنيا ، من جاه أو مال أو سلطان عرض على حائل ، ثم عند الموت يجد النار أمامه ، جزاء كفره ، أو جزاء تضرّعه إلى الله في الضرّاء ، ثم الإعراض عنه عند النعماء .

والآية عامة ، واستظهر أبو حيان أن المراد بالإنسان جنس الكافر ، وقيل : المراد بالآية عتبة بن ربيعة وأبو جهل .

وعلى هذا يكون معنى الآية : وإذا مسّ الإنسان الكافر ضرّ وبلاء أو مرض وبأساء ، دعا الله تعالى وحده مخلصا له في العبادة والتضرع ، ثم إذا منّ الله عليه بالنعماء والرخاء ، نسي الدعاء الذي كان يدعوا به ، أو نسي من كان يدعوه من قبل ، أو نسي الضرّ الذي كان يدعوا الله إلى إزالته وكشفه ، وجعل لله أوثانا وأصناما وشركاء ، يعبدهم ضالا عن طريق الله تعالى ، فقل له يا محمد : تمتع بكفرك متاعا قليلا ، مدة الدنيا ومتاع الدنيا قليل ، أما في الآخرة فمآلك جهنم لعبادة غير الله ، أي : قد أبيت أن تستمر على دعاء الله ، والإخلاص له في النعماء والرخاء ، فاستمتع بهذا الكفر الذي أنت فيه تمتعا قليلا ، لا ينجيك من عذاب النار في الآخرة .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{۞وَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ضُرّٞ دَعَا رَبَّهُۥ مُنِيبًا إِلَيۡهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُۥ نِعۡمَةٗ مِّنۡهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدۡعُوٓاْ إِلَيۡهِ مِن قَبۡلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادٗا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِۦۚ قُلۡ تَمَتَّعۡ بِكُفۡرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلنَّارِ} (8)

شرح الكلمات :

{ وإذا مس الإِنسان } : الإِنسان أي المشرك .

{ ضر } : أي مرض أو خوف غرق ونحوه من كل مكروه لا يقدر على دفعه .

{ دعا ربه منيباً إليه } : أي سال ربّه كشف ما أصابه من ضر راجعاً إليه معرضا عمن سواه .

{ إذا خوله نعمة منه } : أي أعطاه نعمة منه بأن كشف ما به من ضر .

{ نسى ما كان يدعو إليه من قبل } : أي ترك ما كان يتضرع إليه من قبل وهو الله سبحانه وتعالى .

{ وجعل لله أنداداً } : أي شركاء .

{ ليضل عن سبيله } : أي ليضل نفسه وغيره عن الإِسلام .

{ قل تمتع بكفرك قليلا } : أي قل يا نبيّنا لهذا الكافر الضال المضل تهديداً تمتع بكفرك بقية أجلك .

{ إنك من أصحاب النار } : أي أهلها المتأهلين لها بخبث نفوسهم وظلمة أرواحهم .

المعنى :

ما زال السياق في تقرير التوحيد وإبطال التنديد ، فقال تعالى مخبراً عن حال المشرك بربه المتخذ له أنداداً يعبدها معه { وإذ مسّ الإِنسان ضرّ دعا ربّه منيبا إليه } أي سأل ربّه راجعا إليه رافعا إليه يديه يا رباه رباه سائلا تفريج ما به وكشف ما نزل به { ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل } حتى إذا فرَّج الله كربه ومجاه ، وترك دعاء الله ، وأقبل على عبادة غير الله ، { وجعل لله أنداداً } أي شركاء { ليضل } نفسه وغيره . وهنا أمر تعالى رسوله أن يقول له نيابة عن الله تعالى قل يا رسولنا لهذا المشرك الكافر تمتع بكفرك قليلا أي مدة بقية عمرك إنك من أصحاب النار ، هكذا هدده ربّه وخوفه بعاقبة أمر الشرك والتنديد لعله ينتهي فيتوب توبة صادقة ويرجع إلى الله رجوعاً حسناً جميلا .

الهداية :

من الهداية :

- تقرير التوحيد وإبطال الشرك والتنديد .

- الكشف عن داخلية الإِنسان قبل أن يؤمن ويُسلم وهو أنه إنسان متناقض لا خير فيه ولا رشد له ، فلا يرشد ولا يكمل إلا بالإِيمان والتوحيد .

- بشرى الضالين عن سبيل الله المضلين عنه بالنار .