تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَٱنطَلَقَ ٱلۡمَلَأُ مِنۡهُمۡ أَنِ ٱمۡشُواْ وَٱصۡبِرُواْ عَلَىٰٓ ءَالِهَتِكُمۡۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٞ يُرَادُ} (6)

1

التفسير :

6-{ وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد } .

وانطلق أشراف قريش ، وقد يئسوا من استمالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى دينهم ، بعد أن وسّطوا عمه أبا طالب ، فقال صلى الله عليه وسلم : " والله يا عم ، لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في يساري ، على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله ، أو تنفرد منّي هذه السالفة " – أي : الرقبة – ، فلما شاهدوا تمسّكه بدينه يئسوا منه ، وقالوا لبعضهم : اصبروا على عبادة آلهتكم ، فمحمد يريد دعوته ولن يتركها ، فلا أمل في استمالته إلينا ، وقد سار على ذلك جمهور المفسرين ، وقيل : إن هذا الشيء من نوائب الدهر يراد بنا ، فلا حيلة إلا تجرع مرارة الصبر وقيل : إن هذا دينكم ، يُطلب لينتزع منكم ، ويطرح ويراد إبطاله . {[569]}


[569]:تفسير الآلوسي.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَٱنطَلَقَ ٱلۡمَلَأُ مِنۡهُمۡ أَنِ ٱمۡشُواْ وَٱصۡبِرُواْ عَلَىٰٓ ءَالِهَتِكُمۡۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٞ يُرَادُ} (6)

{ وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا } : انطلاق الملأ عبارة عن خروجهم عن أبي طالب وقيل : عبارة عن تفرقتهم في طرق مكة وإشاعتهم للكفر ، وأن امشوا : معناه يقول بعضهم لبعض امشوا واصبروا على عبادة آلهتكم ولا تطيعوا محمدا فيما يدعو إليه من عبادة الله وحده .

{ إن هذا لشيء يراد } هذا أيضا مما حكى الله من كلام قريش وفي معناه وجهان : أحدهما : أن الإشارة إلى الإسلام والتوحيد أي إن هذا التوحيد شيء يراد منا الانقياد إليه .

والآخر : أن الإشارة إلى الشرك والصبر على آلهتهم أي إن هذا لشيء ينبغي أن يراد ويتمسك به أو أن هذا شيء يريده الله منا لما قضى علينا به والأول أرجح لأن الإشارة فيما بعد ذلك إليه فيكون الكلام على نسق واحد .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱنطَلَقَ ٱلۡمَلَأُ مِنۡهُمۡ أَنِ ٱمۡشُواْ وَٱصۡبِرُواْ عَلَىٰٓ ءَالِهَتِكُمۡۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٞ يُرَادُ} (6)

ولما كان العجب فكيف بالعجاب جديراً بأن يلزم صاحبه ليزداد الناظر عجباً ، بين أنهم فعلوا خلاف ذلك تصديقاً لمن نسبهم إليه من الشقاق فقال : { وانطلق } ولما كان ما فعلوه لا يفعله عاقل ، فربما ظن السامع أن المنطلق منهم أسقاط من الناس من غيرهم قال : { الملأ } أي الأشراف ، وقال : { منهم } أي لا من غيرهم فكيف بالأسقاط منهم وكيف بغيرهم ، ثم حقق الانطلاق مضمناً له القول لأنه من لوازمه بقوله : { أن امشوا } أي قائلاً كل منهم لذلك آمراً لنفسه ولصاحبه بالجد في المفارقة حالاً ومقالاً ، وإذا وقف على " أن " ابتدئ بكسر الهمزة لأن أصله : امشيوا فالثالث مكسور كما أنه لو قيل لأمرأة : اغزي يبتدأ بالضم لأن الأصل : اغزوي كاخرجي { واصبروا على آلهتكم } أي لزوم عبادتها وعدم الالتفات إلى ما سواها ، قال القشيري : وإذا تواصى الكفار فيما بينهم بالصبر على آلهتهم فالمؤمنون أولى بالصبر على عبادة معبودهم والاستقامة في دينهم .

ولما كان كل منهم قد أخذ ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم قلبه وسلب لبه ، على ما أشار إليه " ذي الذكر بل " فهو خائف من صاحبه أن يكون قد استحال عن اعتقاد التعدد بما يعرف من تزحزحه في نفسه ، أكدوا قولهم : { إن هذا } أي الصبر على عبادة الآلهة { لشيء يراد } أي هو أهل للإرادة فهو أهل لئلا ينفك عنه ، أو الذي يدعو إليه شيء يريده هو ولا نعلم نحن ما هو على ما نحن عليه من الحذق ، فهو شيء لا يعلم في نفسه .