الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَٱنطَلَقَ ٱلۡمَلَأُ مِنۡهُمۡ أَنِ ٱمۡشُواْ وَٱصۡبِرُواْ عَلَىٰٓ ءَالِهَتِكُمۡۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٞ يُرَادُ} (6)

{ الملأ } : أشراف قريش ، يريد : وانطلقوا عن مجلس أبي طالب بعد ما بكتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم بالجواب العتيد ، قائلين بعضهم لبعض { امشوا وَاْصْبِرُواْ } فلا حيلة لكم في دفع أمر محمد { إِنَّ هَذَا } الأمر { لَشَىْءٌ يُرَادُ } أي : يريده الله تعالى ويحكم بإمضائه ، وما أراد الله كونه فلا مردّ له ولا ينفع فيه إلا الصبر ، أو إن هذا الأمر لشيء من نوائب الدهر يراد بنا فلا انفكاك لنا منه : أو إن دينكم لشيء يراد ، أي : يطلب ليؤخذ منكم وتغلبوا عليه . و ( أن ) بمعنى أي : لأنّ المنطلقين عن مجلس التقاول لا بدّ لهم من أن يتكلموا ويتفاوضوا فيما جرى لهم ، فكان انطلاقهم مضمناً معنى القول ، ويجوز أن يراد بالانطلاق : الاندفاع في القول ، وأنهم قالوا : امشوا ، أي : أكثروا واجتمعوا ، من مشت المرأة إذا كثرت ولادتها . ومنه : الماشية ، للتفاؤل ، كما قيل لها : الفاشية . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ضموا فواشيكم " ومعنى { وَاْصْبِرُواْ على ءَالِهَتِكُمْ } : واصبروا على عبادتها والتمسك بها حتى لا تزالوا عنها ، وقرىء : «وانطلق الملأ منهم امشوا » بغير ( أن ) على إضمار القول . وعن ابن مسعود : «وانطلق الملأ منهم يمشون أن اصبروا » { فِى الملة الأخرة } في ملة عيسى التي هي آخر الملل ؛ لأنّ النصارى يدعونها وهم مثلثة غير موحدة . أو في ملة قريش التي أدركنا عليها آباءنا .