فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱنطَلَقَ ٱلۡمَلَأُ مِنۡهُمۡ أَنِ ٱمۡشُواْ وَٱصۡبِرُواْ عَلَىٰٓ ءَالِهَتِكُمۡۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٞ يُرَادُ} (6)

{ وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ } : المراد بالملأ الأشراف كما هو مقرر في غير موضع من تفسير الكتاب العزيز ، عن ابن عباس قال : نزلت حين انطلق أشراف قريش إلى أبي طالب فكلموه في النبي صلى الله عليه وسلم قائلين ، بعضهم للبعض : { أن امشوا } أي امضوا على ما كنتم عليه ولا تدخلوا في دينه .

{ وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ } أي : اثبتوا على عبادتها وقل : المعنى وانطلق الأشراف منهم فقالوا للعوام : امشوا واصبروا على آلهتكم ، وإن هي المفسرة للقول المقدر ، أو لقوله : { وَانْطَلَقَ } لأنه مضمن معنى القول ويجوز أن تكون مصدرية معمولة للمقدر ، أو للمذكور ، أي بأن امشوا وقيل : المراد بالانطلاق الاندفاع في القول ، وامشوا من مشت المرأة إذا كثرت ولادتها أي اجتمعوا وأكثروا وهو بعيد جدا ، وخلاف ما يدل عليه الانطلاق والمشي بحقيقتهما ، وخلاف ما تقدم في سبب النزول .

وجملة { إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ } : تعليل لما تقدمه من الأمر بالصبر ، أي يريده محمد بنا وآلهتنا ويود تمامه من غير صارف يلويه ولا عاطف يثنيه ليعلو علينا ، ونكون له أتباعا فيتحكم فينا بما يريده فيكون هذا الكلام خارجا مخرج التحذير منه والتنفير عنه .

وقيل : إن هذا الأمر يريده الله سبحانه ، وما أراده ويحكم بإمضائه فهو كائن لا محالة ، ولا ينفع فيه إلا الصبر فاصبروا على عبادة آلهتكم . وقيل المعنى إن دينكم لشيء يراد أي يطلب ليؤخذ منكم ، وتغلبوا عليه أو أن هذا الأمر شيء من نوائب الدهر يراد بنا فلا انفكاك لنا منه ، أو أمر يراد بأهل الأرض والأول أولى .