فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱنطَلَقَ ٱلۡمَلَأُ مِنۡهُمۡ أَنِ ٱمۡشُواْ وَٱصۡبِرُواْ عَلَىٰٓ ءَالِهَتِكُمۡۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٞ يُرَادُ} (6)

{ وانطلق الملأ مِنْهُمْ } المراد بالملأ : الأشراف كما هو مقرر في غير موضع من تفسير الكتاب العزيز ، أي انطلقوا من مجلسهم الذي كانوا فيه عند أبي طالب كما تقدم قائلين : { أَنِ امشوا } أي قائلين لبعضهم بعضاً امضوا على ما كنتم عليه ، ولا تدخلوا في دينه . { وَاْصْبِرُواْ على ءالِهَتِكُمْ } أي اثبتوا على عبادتها ، وقيل : المعنى : وانطلق الأشراف منهم ، فقالوا للعوامّ : امشوا ، واصبروا على آلهتكم ، و { أن } في قوله : { أَنِ امشوا } هي : المفسرة للقول المقدّر ، أو لقوله : { وانطلق } ، لأنه مضمن معنى القول ، ويجوز أن تكون مصدرية معمولة للمقدر ، أو للمذكور ، أي بأن امشوا .

وقيل : المراد بالانطلاق : الاندفاع في القول ، وامشوا من مشت المرأة . إذا كثرت ولادتها ، أي اجتمعوا ، وأكثروا ، وهو بعيد جدًّا ، وخلاف ما يدل عليه الانطلاق ، والمشي بحقيقتهما ، وخلاف ما تقدم في سبب النزول ، وجملة { إِنَّ هذا لَشَىْء يُرَادُ } تعليل لما تقدمه من الأمر بالصبر ، أي يريده محمد بنا وبآلهتنا ، ويودّ تمامه ، ليعلو علينا ، ونكون له أتباعاً ، فيتحكم فينا بما يريد ، فيكون هذا الكلام خارجاً مخرج التحذير منه والتنفير عنه . وقيل المعنى : إن هذا الأمر يريده الله سبحانه ، وما أراده فهو كائن لا محالة ، فاصبروا على عبادة آلهتكم . وقيل المعنى : إن دينكم لشيء يراد ، أي يطلب ، ليؤخذ منكم وتغلبوا عليه ، والأوّل أولى .

/خ11