تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{قُلۡ إِن كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٞ فَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡعَٰبِدِينَ} (81)

81

المفردات :

فأنا أول العابدين : المنقادين ، وهو جمع عابد .

التفسير :

81- { قل إن كان للرحمان ولد فأنا أول العابدين } .

لست أخالفكم عن عناد أو كراهية لكم ، ولكن ليقيني بوحدانية الله ، ولو فرضنا جدلا أن له ولدا لكنت أول العابدين له ، المعظمين لهذا الولد ، كما يتقرب الإنسان إلى الملك العظيم بتعظيم ولده ، ولكنه جل وعلا منزه عن الزوجة والولد .

قال القرطبي :

وهذا كما تقول لمن تناظره : إن ثبت ما قلت بالدليل فأنا أول من يعتقده ، وهذا مبالغة في الاستبعاد ، وترقيق في الكلام .

وقال الطبري : هو ملاطفة في الخطاب .

وقال البيضاوي : ولا يلزم من هذا الكلام صحة وجود الولد وعبادته له ، بل المراد نفيهما على أبلغ الوجوه ، وإنكاره للولد ليس للعناد والمراء ، بل لو كان لكان أولى الناس بالاعتراف به ، فإن النبي يكون أعلم بالله ، وبما يصح له وما لا يصح .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{قُلۡ إِن كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٞ فَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡعَٰبِدِينَ} (81)

{ قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين } في تأويل الآية أربعة أقوال :

الأول : أنها احتجاج ورد على الكفار على تقدير قولهم ، ومعناها لو كان للرحمن ولد كما يقول الكفار لكنت أنا أول من يعبد ذلك الولد كما يعظم خدم الملك ولد الملك لتعظيم والده ، ولكن ليس للرحمن ولد فلست بعابد إلا الله وحده ، وهذا نوع من الأدلة يسمى دليل التلازم لأنه علق عبادة الولد بوجوده ووجوده محال فعبادته محال ، ونظير هذا أن يقول المالكي إذا قصد الرد على الحنفي في تحريم النبيذ . إن كان النبيذ غير مسكر فهو حلال لكنه مسكر فهو حرام .

القول الثاني : إن كان للرحمن ولد فأنا أول من عبد الله وحده وكذبكم في قولكم أن له ولدا ، والعابدين على هذين القولين بمعنى العبادة .

القول الثالث : أن العابدين بمعنى المنكرين : يقال عبد الرجل إذا أنف وتكبر وأنكر الشيء ، والمعنى إن زعمتم أن للرحمن ولدا فأنا أول المنكرين لذلك ، وإن على هذه الأقوال الثلاثة شرطية .

القول الرابع : قال قتادة وابن زيد إن هنا نافية بمعنى ما كان للرحمن ولد وتم الكلام ، ثم ابتدأ قوله { فأنا أول العابدين } ، والأول هو الصحيح لأنه طريقة معروفة في البراهين والأدلة ، وهو الذي عول عليه الزمخشري ، وقال الطبري : هو ملاطفة في الخطاب ونحوه قوله تعالى : { وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين } [ سبأ : 24 ] ، وقال ابن عطية : منه قوله تعالى في مخاطبة الكفار { أين شركائي } [ النحل : 27 ] يعني : شركائي على قولكم .