تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{بَلۡ ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِلَىٰٓ أَهۡلِيهِمۡ أَبَدٗا وَزُيِّنَ ذَٰلِكَ فِي قُلُوبِكُمۡ وَظَنَنتُمۡ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِ وَكُنتُمۡ قَوۡمَۢا بُورٗا} (12)

11

المفردات :

ينقلب : يرجع .

إلى أهليهم : إلى عشائرهم وذوي قرباهم .

بورا : هالكين لفساد عقيدتكم .

التفسير :

12- { بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا } .

بل ظننتم أيها المنافقون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيهزم ، ويقتل أمام أهل مكة ، ولن يرجع الرسول والمؤمنون إلى أهليهم وعشائرهم أبدا ، وزين الشيطان ذلك في قلوبكم ، وامتد ظن السوء إلى صدق رسالته صلى الله عليه وسلم ، لأن الذي يشك في صدق رسالته ويتوقع له الهزيمة إنسان فاسد الإيمان ، هالك مع الهالكين المستوجبين لسخط الله وعقابه .

ونلحظ هنا جملة : { وكنتم قوما بورا } .

أي : هالكين فاسدين ، لا تصلحون لشيء من الخير ، ولا تستحقون إلا الخزي والعقاب ، ومنه : أرض بائرة ، أي : ليس فيها زرع .

قال الزمخشري :

والبور من بار ، كالهُلْك من هلك ، بناء ومعنى ، ولذلك وصف به الواحد والجمع ، والمذكر والمؤنث ، ويجوز أن يكون جمع بائر ، كعائذ وعوذ .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{بَلۡ ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِلَىٰٓ أَهۡلِيهِمۡ أَبَدٗا وَزُيِّنَ ذَٰلِكَ فِي قُلُوبِكُمۡ وَظَنَنتُمۡ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِ وَكُنتُمۡ قَوۡمَۢا بُورٗا} (12)

{ وكنتم قوما بورا } أي وكنتم في علم الله تعالى قوما هالكين فاسدين ، لا تصلحون لشيء من الخير ، من بار الشيء : هلك وفسد . وبور في الأصل : مصدر كالهلك ، يوصف به المفرد والمثنى والجمع . والمذكر والمؤنث ، واستعمل هنا مؤولا باسم الفاعل . وقيل : جمع بائر ؛ كحائل وحول .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{بَلۡ ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِلَىٰٓ أَهۡلِيهِمۡ أَبَدٗا وَزُيِّنَ ذَٰلِكَ فِي قُلُوبِكُمۡ وَظَنَنتُمۡ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِ وَكُنتُمۡ قَوۡمَۢا بُورٗا} (12)

قوله تعالى : { بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبداً } أي : ظننتم أن العدو يستأصلهم فلا يرجعون ، { وزين ذلك في قلوبكم } زين الشيطان ذلك الظن في قلوبكم ، { وظننتم ظن السوء } وذلك أنهم قالوا : إن محمداً وأصحابه أكلة رأس ، فلا يرجعون ، فأين تذهبون معه ، انتظروا ما يكون من أمرهم . { وكنتم قوماً بوراً } هلكى لا تصلحون لخير .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{بَلۡ ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِلَىٰٓ أَهۡلِيهِمۡ أَبَدٗا وَزُيِّنَ ذَٰلِكَ فِي قُلُوبِكُمۡ وَظَنَنتُمۡ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِ وَكُنتُمۡ قَوۡمَۢا بُورٗا} (12)

{ بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا } وذلك أنهم قالوا إن محمدا وأصحابه أكلة رأس أي قليلو العدد وأنهم لا يرجعون من هذا الوجه أبدا فقال الله تعالى { وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا } هالكين عند الله تعالى بهذا الظن

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{بَلۡ ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِلَىٰٓ أَهۡلِيهِمۡ أَبَدٗا وَزُيِّنَ ذَٰلِكَ فِي قُلُوبِكُمۡ وَظَنَنتُمۡ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِ وَكُنتُمۡ قَوۡمَۢا بُورٗا} (12)

قوله تعالى : " بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا " وذلك أنهم قالوا : إن محمدا وأصحابه أكلة{[13997]} رأس لا يرجعون . " وزين ذلك " أي النفاق . " في قلوبكم " وهذا التزيين من الشيطان ، أو يخلق الله ذلك في قلوبهم . " وظننتم ظن السوء " أن الله لا ينصر رسوله . " وكنتم قوما بورا " أي هلكى ، قاله مجاهد . وقال قتادة : فاسدين لا يصلحون لشيء من الخير . قال الجوهري : البور : الرجل الفاسد الهالك الذي لا خير فيه . قال عبدالله بن الزبعرى السهمي :

يا رسول المليك إن لساني *** راتق ما فَتَقْتُ إذ أنا بُور

وامرأة بور أيضا ، حكاه أبو عبيد . وقوم بور هلكى . قال تعالى : " وكنتم قوما بورا " وهو جمع بائر ، مثل حائل وحول . وقد بار فلان أي هلك . وأباره الله أي أهلكه . وقيل : " بورا " أشرارا ، قاله ابن بحر . وقال حسان بن ثابت :

لا ينفع الطُّول من نُوكِ الرجال وقد *** يهدي الإله سبيل المَعْشَرِ البور{[13998]}

أي الهالك .


[13997]:أي هم قليل يشبعهم رأس واحد.
[13998]:ورد هذا البيت في الأصول محرّفا.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{بَلۡ ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِلَىٰٓ أَهۡلِيهِمۡ أَبَدٗا وَزُيِّنَ ذَٰلِكَ فِي قُلُوبِكُمۡ وَظَنَنتُمۡ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِ وَكُنتُمۡ قَوۡمَۢا بُورٗا} (12)

ولما أضرب عن ظنهم أن كذبهم يخفى عليه بأمر عام ، وقدمه لأنه أعم نفعاً بما فيه من الشمول ، أتبعه الإضراب عن مضمون كلامهم فقال : { بل } أي ليس تخلفكم لما{[60265]} أخبرتم به من الاشتغال بالأهل{[60266]} والأموال { ظننتم } وأنتم واقفون مع الظنون الظاهرة ، ليس لكم نفوذ إلى البواطن ، وأشار إلى تأكد ظنهم على زعمهم فقال : { أن لن ينقلب } ولما كان الكلام فيما هو شأن الرسول من الانبعاث والمسير ، قال مشيراً إلى أن-{[60267]} من أرسل رسولاً إلى شيء وهو لا يقدر على نصره ليبلغ ذلك الشيء إلى الغاية التي أرادها منه كان عاجزاً عما يريد : { الرسول } وعظم التابعين فقال : { والمؤمنون } معبراً{[60268]} بما يحق لهم من الوصف المفهم للرسوخ{[60269]} وأفهم تأكيد{[60270]} ذلك عندهم بقوله تعالى{[60271]} : { إلى أهليهم أبداً } أي لما في قلوبكم من عظمة المشركين وحقارة المؤمنين فحملكم ذلك على{[60272]} أن قلتم : ما هم في قريش إلا أكلة رأس .

ولما كان الإنسان قد يظن ما لا يجب ، قال مشيراً بالبناء للمفعول إلى أن ما حوته قلوبهم مما ينبغي أن ينزه سبحانه وتعالى عن نسبته إليه وإن كان هو الفاعل له في الحقيقة : { وزين ذلك } أي الأمر القبيح الذي خراب الدنيا { في قلوبكم } حتى أحببتموه .

ولما علم أن ذلك سوء ، صرح{[60273]} به على وجه يعم غيره فقال : { وظننتم } أي بذلك وغيره مما يترتب عليه من إظهار الكفر وما يتفرع منه { ظن السوء } أي الذي لم يدع شيئاً مما يكره غاية الكراهة إلا أحاط به . ولما-{[60274]} انكشف جميع أمره كشف أثره فقال : { وكنتم } أي بالنظر إلى جمعكم من حيث هو جمع في علمنا قبل ذلك بما جبلناكم عليه وعلى ما كشفه الحال عنه من له بصيرة { قوماً } أي مع قوتكم على ما تحاولونه { بوراً * } أي في غاية الهلاك والكساد والفساد ، وعدم الخير لأنكم جبلتم على ذلك الفساد ، {[60275]}فلا انفكاك لهم عنه ، وهذا{[60276]} كما مضى بالنظر إلى الجميع من حيث هو جمع لا بالنسبة إلى كل فرد فإنه قد أخلص منهم بعد ذلك كثير ، وثبتوا فلم يرتدوا .


[60265]:من ظ ومد، وفي الأصل: بما.
[60266]:من ظ ومد، وفي الأصل: بالأهوال.
[60267]:زيد من مد.
[60268]:من ظ ومد، وفي الأصل: فعبر.
[60269]:من مد، وفي الأصل و ظ: للرسول.
[60270]:من مد، وفي الأصل و ظ: تأكد.
[60271]:زيد من مد.
[60272]:في ظ: إلى.
[60273]:في الأصل و ظ بياض ملأناه من مد.
[60274]:زيد من ظ ومد.
[60275]:تكرر في الأصل قبل "وعدم الخير".
[60276]:تكرر في الأصل قبل "وعدم الخير".