تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا} (3)

المفردات :

سبح : نزهه وقدسه .

واستغفره : مما قد يكون منه ، وهو لتعليمنا .

توابا : كثير المتاب والغفران لمن تاب .

التفسير :

3- فسبّح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا .

عند مجيء النصر والفتح والغلبة ، ينبغي أن تشكر الله تعالى وتلجأ إليه ذاكرا شاكرا ، مستغفرا تائبا ، متجردا من الغرور أو الإعجاب بالنصر .

فالنصر نصر الله ، والدين دين الله ، وأنت عبد الله ورسوله ، فعليك بذكره وتسبيحه واستغفاره ، ولما نزلت هذه السورة كان صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ) . يتأوّل القرآنiii .

والمعنى :

إنه كان يجمع هذه الأوامر في صيغة تجمع معانيها ، فيقول : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي ) ، فهي ذكر وشكر ، واعتراف لله بالفضل ، ورغبة في التوبة والمغفرة .

روى مسلم ، عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من قول : ( سبحان الله وبحمده ، أستغفر الله أتوب إليه )iv .

سيد الاستغفار

اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك علي ، وأبوء بذنبي ، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت .

تمّ بحمد الله تعالى وتوفيقه تفسير سورة ( النصر ) ظهر يوم الأربعاء 21 من ربيع الأول 1422 ه ، الموافق 13/6/2001 م .

i هو أجل رسول الله :

رواه البخاري في المغازي ( 4294 ) وأحمد في مسنده ( 3117 ) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فقال بعضهم : لم تدخل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله ؟ فقال : إنه ممن قد علمتم قال : فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم قال : وما رئيته دعاني يومئذ إلا ليريهم مني فقال : ما تقولون في { إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا } حتى ختم السورة فقال بعضهم : أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا وقال بعضهم : لا ندري أو لم يقل بعضهم شيئا فقال لي : يا ابن عباس ، أكذلك تقول ؟ قلت : لا ، قال : فما تقول : قلت : هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه الله له { إذا جاء نصر الله والفتح } فتح مكة فذاك علامة أجلك { فسبح ربك واستغفره إنه كان توابا } قال عمر : ما أعلم منها إلا ما تعلم .

ii يكثر في آخر أمره من قول سبحان الله وبحمده :

رواه أحمد في مسنده ( 23545 ) ومسلم في الصلاة ( 484 ) من حديث عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر في آخر أمره من قول سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه ، قالت : فقلت : يا رسول الله ، ما لي أراك تكثر من قول سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه ، قال : ( إن ربي عز وجل كان أخبرني أني سأرى علامة في أمتي وأمرني إذا رأيتها أن أسبح بحمده وأستغفره إنه كان توابا فقد رأيتها { إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا } .

iii يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده :

رواه البخاري في الأذان ( 817 ) وفي التفسير ( 4968 ) ومسلم في الصلاة ( 484 ) من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ) يتأول القرآن .

iv يكثر من قول سبحان الله وبحمده :

تقدم تخريجه ، انظر هامش ( 205 ) .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا} (3)

{ فسبح بحمد ربك } فنزهه عما لا يليق به ، بكل ذكر يدل على التنزيه ، حامدا له على أن صدق وعده زيادة في عبادته والثناء عليه ، لزيادة إنعامه عليك . أو فصّل له تعالى حامدا على نعمه . و " إذا " منصوب ب " سبح " ، والفاء غير مانعة منه على ما عليه الجمهور . { واستغفره } اطلب مغفرته ؛ وأمره به ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان دائم الترقي ؛ فإذا ترقى إلى مرتبة استغفر لما دونها . أو استغفاره مما هو خلاف الأولى في نظره الشريف . أو لتعليم أمته . أو مما كان يعرض له بمقتضى البشرية من الضجر والقلق عند إعراض قومه عنه ، وإبائهم السماع والقبول منه ، وإبطاء نصر الله له ، وللحق الذي جاء به . وقال القرطبي : إنه عليه الصلاة والسلام كان يستقصر نفسه لعظم ما أنعم الله به عليه ، ويرى قصوره عن القيام بحق ذلك ذنوبا فيستغفر منها . وقيل : الاستغفار تعبد يجب إتيانه في ذاته لا للمغفرة ؛ فإنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . { إنه كان توابا } كثير القبول لتوبة كثير من عباده التائبين . والجملة تعليل لما قبلها . وأخرج الإمام أحمد من حديث ابن عباس : " من أكثر من الاستغفار جعل الله تعالى له من كل هم فرجا " . وأنا أقول كما قال العلامة الآلوسي هنا : سبحان الله وبحمده ، أستغفر الله تعالى وأتوب إليه . وأسأله أن يجعل لي من كل هم فرجا ، ومن كل ضيق مخرجا ؛ بحرمة كتابه الكريم ، وسيد أحبابه العظيم ، صلى الله عليه وسلم .

والله أعلم .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا} (3)

واستغفِرهُ : اسأل المغفرة لك ولأُمتك .

توّابا : كثير القبول لتوبة عباده .

فاشكر ربك ، وسبّح بحمده ، ونزّهْه عن كل شريك ، لما حقّق لك وللمؤمنين من النصر العظيم .

واطلُب المغفرةَ لك ولأمتك من الله تعالى ، فإنه يَقْبَلُ التوبةَ ، وبابُه مفتوحٌ دائما للتوابين .

روى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُكثر في آخر أمره من قوله : " سبحانَ الله وبحمدِه ، أستغفرُ الله وأتوبُ إليه " . قال : " إن ربي أخبرني أني سأرى علامةً في أُمتي ، وأمرني إذا رأيتُها أن أسبّحه وأستغفرَه ، إنّه كان توابا . فقد رأيتها . . . { إِذَا جَآءَ نَصْرُ الله والفتح . . . } رواه مسلم أيضا .

وهكذا تم النصرُ والفتح ، وأشْرَقت الأرضُ بنورِ ربّها ، وعمّ الإسلامُ جوانبَ الأرض .

نسأل الله تعالى أن يُلهم زعماءَنا وكبراءنا التوفيقَ وسَدادَ الرأي ، فتجتمعَ كلمتُهم على نصرِ دين الله ، وتتوحّدَ صفوفهم ، ويجتمعَ شملُهم ليعملوا على إنقاذ هذه الأُمة ، وردِّ كرامتها ، واستردادِ الأرض المقدّسة بإذن الله .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا} (3)

فأمر رسوله أن يشكر ربه على ذلك ، ويسبح بحمده ويستغفره ، وأما الإشارة ، فإن في ذلك إشارتين : إشارة لأن يستمر النصر لهذا الدين{[1488]} ، ويزداد عند حصول التسبيح بحمد الله واستغفاره من رسوله ، فإن هذا من الشكر ، والله يقول : { لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ } ، وقد وجد ذلك في زمن الخلفاء الراشدين ، وبعدهم في هذه الأمة لم يزل نصر الله مستمرًا ، حتى وصل الإسلام إلى ما لم يصل إليه دين من الأديان ، ودخل فيه ، ما لم يدخل في غيره ، حتى حدث من الأمة من مخالفة أمر الله ما حدث ، فابتلاهم{[1489]} الله  بتفرق الكلمة ، وتشتت الأمر ، فحصل ما حصل .

[ ومع هذا ] فلهذه الأمة ، وهذا الدين ، من رحمة الله ولطفه ، ما لا يخطر بالبال ، أو يدور في الخيال .

وأما الإشارة الثانية ، فهي الإشارة إلى أن أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قرب ودنا ، ووجه ذلك أن عمره عمر فاضل ، أقسم الله به .

وقد عهد أن الأمور الفاضلة تختم بالاستغفار ، كالصلاة والحج ، وغير ذلك .

فأمر الله لرسوله بالحمد والاستغفار في هذه الحال ، إشارة إلى أن أجله قد انتهى ، فليستعد ويتهيأ للقاء ربه ، ويختم عمره بأفضل ما يجده صلوات الله وسلامه عليه .

فكان صلى الله عليه وسلم يتأول القرآن ، ويقول ذلك في صلاته ، يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده : " سبحانك اللهم وبحمدك ، اللهم اغفر لي " .


[1488]:- في ب: إشارة أن النصر يستمر للدين.
[1489]:- في ب: فابتلوا.
 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا} (3)

{ فسبح بحمد ربك } أمره الله عز وجل أن يكثر التسبيح والاستغفار ليختم له في آخر عمره بالزيادة في العمل الصالح .