أكنة : أغطية سميكة متكاثفة ، والأكنة جمع كنان ، كأغطية وغطاء وزنا ومعنى .
وقر : صمم ، وأصله الثقل في السمع .
حجاب : ساتر مانع من الإجابة ، والمراد : خلاف في الدّين .
5-{ وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون } .
جهر الكفار هنا بترك دعوة الإسلام ، وعدم الإصغاء إليها بقلوبهم ، أو الاستماع إليها بآذانهم ، أو النظر فيها بعقولهم ، مع استهزائهم بالوعيد وتحدّيهم للرسول صلى الله عليه وسلم .
إن قلوبنا في أغطية وحجاب سميك من دعوتك ، فلا تتفتح لها ولا تفقهها ، ولما كان القلب أداة الفهم ، والسمع والبصر وسائل التأمل ، أعلنوا أنهم معرضون بقلوبهم ، كما أن آذانهم صماء لا تسمع دعوة القرآن ، ولا تستجيب له ، وهناك حجاب معنوي حاجز بين دعوة الإسلام وبينهم ، فهم في واد والإسلام في واد آخر ، فاتركنا يا محمد في ديانتنا وعبادة أصنامنا ، واعمل أنت على منهج دينك ، إنا مستمرون وعاملون على طريقة ديننا ، في التزام عبادة الأصنام والأوثان ، وفي قولهم هذا مبارزة بالخلاف والتحدّي .
{ قلوبنا في أكنة } أغطية متكاثفة فلا تفقه ما تقول . جمع كنان . { وفي آذاننا وقر } صمم يمنع من استماع قولك . { ومن بيننا وبينك حجاب } ساتر وحاجز منيع يمنع التواصل بيننا . وهو تمثيل لنبوّ قلوبهم عن إدراك الحق وقبوله ، ومج أسماعهم له ، وامتناع موافقتهم للرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لتباعد ما بين المذهبين .
ولما أخبر عن إعراضهم ، أخبر عن مباعدتهم فيه فقال : { وقالوا } أي عند إعراضهم ممثلين لمباعدتهم في عدم قبولهم : { قلوبنا في أكنَّة } أي أغشية محيطة بها ، ولما كان السياق في الكهف للعظمة كان الأنسب له أداة الاستعلاء فقال { إنا جعلنا على قلوبهم أكنة } وعبروا هنا بالظرف إبعاداً لأن يسمعوا { مما } أي مبتدئة تلك الأغشية وناشئة من الأمر الذي { تدعونا } أيها المخبر بأنه نبي { إليه } فلا سبيل له إلى الوصول إليها لنفيه أصلاً . ولما كان القلب أفهم لما يرد إليه من جهة السمع قالوا : { وفي آذاننا } التي هي أحد الطرق الموصلة إلى القلوب { وقر } أي ثقل قد أصمها عن سماعه { ومن بيننا وبينك } أي ومبتدئ من الحد الذي فصلك منا والحد الذي فصلنا منك في منتصف المسافة قي ذلك { حجاب } ساتر كثيف ، فنحن لا نراك لنفهم عنك بالإشارة ، فانسدت طرق الفهم لما نقول { فاعمل } أي بما تدين به . ولما كان تكرار الوعظ موضعاً للرجاء في رجوع الموعوظ قطعوا ذلك الرجاء بالتأكيد بأداته ، وزادوه بالنون الثالثة والتعبير بالاسمية فقالوا : { إننا عاملون * } أي بما ندين به فلا مواصلة بيينا بوجه ليستحي أحد منا من الآخر في عمله أو يرجع إليه ، ولو قال { وبيننا } من غير { من } لأفهم أن البينين بأسرهما حجاب ، فكان كل من الفريقين ملاصقاً لبينه ، وهو نصف الفراغ الحاصل بينه وبين خصمه ، فيكون حينئذ كل فريق محبوساً بحجابه لا يقدر على عمل فينا في ما بعده أو يكون بينهما اتصال أقله بالإعلام بطرق من أراد من المتباينين الحجاب ، فأفادت " من " التبعيض مع إفادة الابتداء ، فإنهم لا يثبتون الحجاب في غير أمور الدين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.