تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَقَالُوٓاْ أَءِذَا ضَلَلۡنَا فِي ٱلۡأَرۡضِ أَءِنَّا لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدِۭۚ بَلۡ هُم بِلِقَآءِ رَبِّهِمۡ كَٰفِرُونَ} (10)

{ وقالوا أئذا ضللنا في الأرض أئنا لفي خلق جديد بل هم بلقاء ربهم كافرون . . . }

المفردات :

ضللنا في الأرض : خفينا وتحللت فيها أجزاؤنا .

التفسير :

أي : إذا دفنا في الأرض وتحولنا إلى لحم ودم ورفات وعظام بالية تختلط بتراب الأرض وغبنا فيها وامتزجنا بأجزائها بدون تمييز بيننا وبين ترابها ، أنجمع مرة أخرى ونبعث من جديد فما أبعد الخلق والحياة مرة أخرى بعد أن يصبح الإنسان ترابا باليا غائبا في الأرض .

{ بل هم بلقاء ربهم كافرون . . . }

إنهم نظروا إلى قدرتهم المحدودة وقاسوا عليها قدرة الله وهو سبحانه يقول للشيء كن فيكون وهو سبحانه على كل شيء قدير فهو سبحانه قادر على إحيائهم وبعث الحياة فيهم كما خلقهم أول مرة .

إنهم أنكروا البعث والحشر والحساب والجزاء والعقاب فاستبعدوا الحياة بعد الموت وأنكروا قدرة الله على البعث والحشر بل اعتقدوا ما هو أشنع من ذلك حيث كفروا باليوم الآخر .

وفي معنى هذه الآية قال القرآن الكريم :

وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم . ( يس : 78-79 ) .

وقال سبحانه وتعالى : كما بدأنا أول خلق نعيده . . . ( الأنبياء : 104 ) .

وقال القرطبي :

بل هم بلقاء ربهم كافرون . . . أي ليس لهم جحود قدرة الله تعالى عن الإعادة لأنهم يعترفون بقدرته ولكنهم اعتقدوا ان لا حساب عليهم وأنهم لا يلقون الله تعالى .

***

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَقَالُوٓاْ أَءِذَا ضَلَلۡنَا فِي ٱلۡأَرۡضِ أَءِنَّا لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدِۭۚ بَلۡ هُم بِلِقَآءِ رَبِّهِمۡ كَٰفِرُونَ} (10)

ضللنا في الأرض : معناه هنا غبنا فيها .

بعد أن بيّن الله فائدة رسالة النبي الكريم ، والخلقَ ، ووحدانيته تعالى ، وتدبيره لهذا الكون ذكر هنا اعتراضَ المشركين وعدم إيمانهم بالبعث ، وقولهم أئذا متنا وتحلّلت أجسادنا فصارت ترابا وغبنا في هذه الأرض أسنُخلق من جديد ! ؟ إن هؤلاء المشركين ينكرون كل شيء فهم بلقاء ربهم يجحدون .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَقَالُوٓاْ أَءِذَا ضَلَلۡنَا فِي ٱلۡأَرۡضِ أَءِنَّا لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدِۭۚ بَلۡ هُم بِلِقَآءِ رَبِّهِمۡ كَٰفِرُونَ} (10)

ولما كانوا قد قالوا : محمد ليس برسول ، والإله ليس بواحد ، والبعث ليس بممكن ، {[54683]}فدل على صحة الرسالة بنفي الريب عن الكتاب ، ثم على الوحدانية بشمول القدرة وإحاطة العلم بإبداع الخلق على وجه هو نعمة لهم ، و{[54684]} ختم بالتعجيب من كفرهم ، {[54685]}وكان{[54686]} استبعادهم للبعث - الذي هو الأصل الثالث - من أعظم كفرهم ، قال معجباً منهم في{[54687]} إنكاره بعد التعجيب في قوله : { أم يقولون افتراه } ، لافتاً عنهم الخطاب إيذاناً بالغضب من قولهم : { وقالوا } منكرين لما ركز{[54688]} في الفطر الأُوَل{[54689]} ، ونبهت{[54690]} عليه الرسل ، فصار{[54691]} بحيث لا ينكره عاقل ألم{[54692]} بشيء من الحكمة : { أإذا } أي أنبعث إذا{[54693]} { ضللنا } أي ذهبنا وبطلنا وغبنا { في الأرض } بصيرورتنا تراباً مثل ترابها ، لا يتميز بعضه من بعض : قال أبو حيان تبعاً{[54694]} للبغوي والزمخشري وابن جرير الطبري وغيرهم : وأصله من ضل الماء في اللبن - إذا ذهب{[54695]} . ثم كرروا الاستفهام الإنكاري زيادة في الاستبعاد فقالوا : { إنا لفي خلق جديد } هو محيط بنا ونحن مظروفون له .

ولما كان قولهم هذا يتضمن إنكارهم القدرة ، وكانوا يقرون بما يلزمهم منه الإقرار بالقدرة على البعث من خلق الخلق والإنجاء من كل كرب ونحو ذلك ، أشار إليه بقوله : { بل } أي ليسوا{[54696]} بمنكرين لقدرته سبحانه ، بل { هم بلقاء ربهم } المحسن بالإيجاد والإبقاء مسخراً لهم كل ما ينفعهم في الآخرة للحساب أحياء سويين كما كانوا في الدنيا ، والإشارة بهذه الصفة إلى أنه لا يحسن بالمحسن أن ينغص{[54697]} إحسانه بترك القصاص{[54698]} من الظالم الكائن في القيامة { كافرون * } أي منكرون للبعث عناداً ، ساترون لما في طباعهم من أدلته ، لما غلب عليهم من الهوى القائد لهم إلى أفعال منعهم من الرجوع عنها الكبرُ عن قبول الحق والأنفة من الإقرار بما يلزم منه نقص العقل .


[54683]:العبارة من هنا إلى "من كفرهم" ساقطة من م.
[54684]:سقط من ظ.
[54685]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: فإن.
[54686]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: فإن.
[54687]:في ظ: من.
[54688]:من م ومد، وفي الأصل وظ: ذكر.
[54689]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الأولى.
[54690]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الهمت.
[54691]:في ظ ومد: فصارت.
[54692]:في الأصل بياض، ملأناه من ظ وم ومد.
[54693]:زيد من ظ وم ومد.
[54694]:في الأصل بياض، ملأناه من ظ وم ومد.
[54695]:في ظ وم ومد: فيه، وليست الزيادة في البحر المحيط 7/200.
[54696]:من م ومد، وفي الأصل وظ: ليس.
[54697]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: يبغض.
[54698]:زيد في ظ ومد: الكائن.