الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَقَالُوٓاْ أَءِذَا ضَلَلۡنَا فِي ٱلۡأَرۡضِ أَءِنَّا لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدِۭۚ بَلۡ هُم بِلِقَآءِ رَبِّهِمۡ كَٰفِرُونَ} (10)

قوله : { أَإِذَا ضَلَلْنَا } : تقدَّم اختلافُ القراء في الاستفهامين في سورة الرعد . والعاملُ في " إذا " محذوفٌ تقديرُه : نُبْعَثُ أو نُخْرَجُ ، لدلالةِ " خَلْقٍ جديد " عليه . ولا يَعْمَلُ فيه " خَلْق جديد " لأنَّ ما بعد " إنَّ " والاستفهامَ لا يعملُ فيما قبلهما . وجوابُ " إذا " محذوفٌ إذا جعلتَها شرطيةً .

وقرأ العامَّةُ " ضَلَلْنا " بضادٍ معجمةٍ ولامٍ مفتوحةٍ بمعنى : ذَهَبْنا وضِعْنا ، مِنْ قولِهم : ضَلَّ اللبنُ في الماء . وقيل : غُيِّبْنا . قال النابغة :

3670 فآبَ مُضِلُّوه بعينٍ جَلِيَّة *** وغُوْدِر بالجَوْلانِ حَزْمٌ ونائِلُ

والمضارعُ مِنْ هذا : يَضِلُّ بكسر العين وهو كثيرٌ . وقرأ يحيى ابن يعمر وابن محيصن وأبو رجاء بكسرِ اللامِ ، وهي لغةُ العالية . والمضارعُ من هذا يَضَلُّ بالفتح . وقرأ عليٌّ وأبو حيوة " ضُلِّلْنا " بضم الضاد وكسر اللام المشددة مِنْ ضَلَّلَه بالتشديد .

وقرأ عليٌّ أيضاً وابن عباس والحسن والأعمش وأبان بن سعيد " صَلَلْنا " بصادٍ مهملةٍ ولامٍ مفتوحة . وعن الحسن أيضاً " صَلِلْنا " بكسرِ الصادِ . وهما لغتان . يقال : صَلَّ اللحمُ يَصِلُّ ، ويَصَلُّ بفتح الصادِ وكَسرِها لمجيءِ الماضي مفتوحَ العين ومكسورَها . ومعنى صَلَّ اللحمُ : أنتنَ وتَغيَّرتْ رائحتُه . ويُقال أيضاً : أَصَلَّ بالألف قال :

3671 تُلَجْلِجُ مُضْغَةً فيها أَنِيْضٌ *** أَصَلَّتْ ، فَهْيَ تحت الكَشْحِ داءُ

وقال النحاس : " لا نعرفُ في اللغة " صَلِلْنا " ولكن يُقال : صَلَّ اللحمُ ، وأصلَّ ، وخَمَّ وأَخَمَّ " وقد عَرَفها غيرُ أبي جعفر .