قوله تعالى : " وقالوا أئذا ضللنا في الأرض " هذا قول منكري البعث ، أي هلكنا وبطلنا وصرنا ترابا . وأصله من قول العرب : ضل الماء في اللبن إذا ذهب . والعرب تقول للشيء غلب عليه حتى فيه أثره : قد ضل . قال الأخطل :
كنتَ القَذَى في موج أكدر مُزْبد *** قذف الأتيّ به فضلَّ ضلالا
وقال قطرب : معنى ضللنا : غبنا في الأرض . وأنشد قول النابغة الذبياني :
فآب مُضِلُّوهُ بعين جليَّة *** وغودر بالجَوْلاَنِ حَزْمٌ ونائلُ
وقرأ ابن محيصن ويحيى بن يعمر : " ضلِلنا " بكسر اللام ، وهي لغة . قال الجوهري : وقد ضللت أضل قال الله تعالى : " قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي " {[12651]} [ سبأ : 50 ] . فهذه لغة نجد وهي الفصيحة . وأهل العالية يقولون : " ضلِلت " - بكسر اللام - أضل . وهو ضال تال ، وهي الضلالة والتلالة . وأضله أي أضاعه وأهلكه . يقال : أضل الميّت إذا دفن . قال :
ابن السكيت . أضللت بعيري إذا ذهب منك . وضللت المسجد والدار : إذا لم تعرف موضعهما . وكذلك كل شيء مقيم لا يهتدى له . وفي الحديث ( لعلي أضل الله ) يريد أضل عنه ، أي أخفى عليه ، من قوله تعالى : " أإذا ضللنا في الأرض " أي خفينا . وأضله الله فضل ، تقول : إنك تهدي الضال ولا تهدي المتضال . وقرأ الأعمش والحسن : " صللنا " بالصاد ، أي أنتنا . وهي قراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه . النحاس : ولا يعرف في اللغة صللنا ولكن يقال : صل اللحم وأصل ، وخم وأخم إذا أنتن . الجوهري : صل اللحم يصل - بالكسر – صلولا ، أي أنتن ، مطبوخا كان أو نيئا . قال الحطيئة :
ذاك فتىً يبذُلُ ذا قِدرِه *** لا يُفْسِدُ اللحم لديه الصُّلُولُ
قوله تعالى : " إنا{[12652]} لفي خلق جديد " وأصل مثله . " إنا لفي خلق جديد " أي نخلق بعد ذلك خلقا جديدا ؟ ويقرأ : " أئنا " . النحاس : وفي هذا سؤال صعب من العربية ، يقال : ما العامل في " إذا " ؟ و " إن " لا يعمل ما بعدها فيما قبلها . والسؤال في الاستفهام أشد ؛ لأن ما بعد الاستفهام أجدر ، ألا يعمل فيما قبله من " إن " كيف وقد اجتمعا . فالجواب على قراءة من قرأ : " إنا " أن العامل " ضللنا " ، وعلى قراءة من قرأ : " أإنا " أن العامل مضمر ، والتقدير أنبعث إذا متنا . وفيه أيضا سؤال آخر ، يقال : أين جواب " إذا " على القراءة الأولى لأن فيها معنى الشرط ؟ فالقول في ذلك أن بعدها فعلا ماضيا ؛ فلذلك جاز هذا . " بل هم بلقاء ربهم كافرون " أي ليس لهم جحود قدرة الله تعالى عن الإعادة ؛ لأنهم يعترفون بقدرته ولكنهم اعتقدوا أن لا حساب عليهم ، وأنهم لا يلقون الله تعالى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.