تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱتَّبَعَتۡهُمۡ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَٰنٍ أَلۡحَقۡنَا بِهِمۡ ذُرِّيَّتَهُمۡ وَمَآ أَلَتۡنَٰهُم مِّنۡ عَمَلِهِم مِّن شَيۡءٖۚ كُلُّ ٱمۡرِيِٕۭ بِمَا كَسَبَ رَهِينٞ} (21)

إكرام الذرية وجمعهم مع آبائهم

{ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ( 21 ) وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ( 22 ) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لاَ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ ( 23 ) }

المفردات :

وما ألتناهم : وما أنقصنا الآباء بسبب إلحاق الأبناء بهم .

رهين : مرهون عند الله بعمله ، والعمل الصالح يفكّه ، والعمل الطالح يوبقه .

21

التفسير :

21- { وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ } .

نوع من أنواع الفضل الإلهي على أهل الجنة ، فإذا كان الآباء في الدرجات العليا من الجنة ، والأبناء اشتركوا معهم في الإيمان ، وقصَّروا عن الآباء في الأعمال الصالحة ، فإن الله تعالى يتفضل على الآباء بأن يرفع درجات الأبناء في الجنة ، ويلحقهم بآبائهم ، لتقر عيونهم بهذا الاجتماع الأسري ، وجَمع الشمل بين الإنسان وآبائه وأبنائه ، ولا ينقص الآباء من درجاتهم شيئا ، لأن الآباء قد عملوا أعمالا أهَّلتهم للدرجات العليا .

{ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ } .

أي : كل إنسان مرتبط بعمله ، فهو الذي يرفعه وهو الذي يخفضه ، وليس من العدل أن ينقص الأب درجة من أجل ابنه .

فالله تعالى عامل الأبناء بالفضل ورفع درجتهم ، وعامل الآباء بالعدل وأبقاهم في المنزلة العليا في الجنة . حكمة منه وعدلا وفضلا وإحسانا .

قال ابن عباس :

إن الله ليرفع ذرية المؤمن في درجته ، وإن كانوا دونه في المنزلة ، لتقرَّ بهم عينه ، وقرأ الآية .

( رواه الحاكم ، والبيهقي في سننه ) .

وفي رواية الطبراني ، وابن مردويه ، عن ابن عباس أنه قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دخل الرجل الجنة ، سأل عن أبويه وزوجته وولده ، فيقال له : إنهم لم يبلغوا درجتك وعملك ، فيقول : يا رب ، قد عملت لي ولهم ، فيؤمر بإلحاقهم به " . وقرأ ابن عباس الآية : { وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ } .

والآية على ما ذهب إليه كثير من المفسرين في الكبار من الذريّة دون الصغار .

وروي عن ابن عباس والضحاك وغيرهم أنهم قالوا : إن الله يلحق الأبناء الصغار ، وإن لم يبلغوا زمن الإيمان بآبائهم المؤمنين ، كما يلحق الكبار المكلّفين المؤمنين الذين لم يبلغوا درجة آبائهم في العمل الصالح والبعد عن المعاصي ، يلحقهم بآبائهم في درجتهم في الجنة ، إكراما لهم ولتكمل بهم مسرتهم . أ . ه

ورحمة الله واسعة ، وفضله كبير ، وكان بالمؤمنين رحيما .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱتَّبَعَتۡهُمۡ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَٰنٍ أَلۡحَقۡنَا بِهِمۡ ذُرِّيَّتَهُمۡ وَمَآ أَلَتۡنَٰهُم مِّنۡ عَمَلِهِم مِّن شَيۡءٖۚ كُلُّ ٱمۡرِيِٕۭ بِمَا كَسَبَ رَهِينٞ} (21)

{ 21-28 } { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ * وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ * وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ }

وهذا من تمام نعيم أهل الجنة ، أن ألحق الله [ بهم ] ذريتهم الذين اتبعوهم بإيمان أي : الذين لحقوهم بالإيمان الصادر من آبائهم ، فصارت الذرية تبعا لهم بالإيمان ، ومن باب أولى إذا تبعتهم ذريتهم بإيمانهم الصادر منهم أنفسهم ، فهؤلاء المذكورون ، يلحقهم الله بمنازل آبائهم في الجنة وإن لم يبلغوها ، جزاء لآبائهم ، وزيادة في ثوابهم ، ومع ذلك ، لا ينقص الله الآباء من أعمالهم شيئا ، ولما كان ربما توهم متوهم أن أهل النار كذلك ، يلحق الله بهم أبناءهم وذريتهم ، أخبر أنه ليس حكم الدارين حكما واحدا ، فإن النار دار العدل ، ومن عدله تعالى أن لا يعذب أحدا إلا بذنب ، ولهذا قال : { كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ } أي : مرتهن بعمله ، فلا تزر وازرة وزر أخرى ، ولا يحمل على أحد ذنب أحد . هذا اعتراض من فوائده إزالة الوهم المذكور .

 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱتَّبَعَتۡهُمۡ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَٰنٍ أَلۡحَقۡنَا بِهِمۡ ذُرِّيَّتَهُمۡ وَمَآ أَلَتۡنَٰهُم مِّنۡ عَمَلِهِم مِّن شَيۡءٖۚ كُلُّ ٱمۡرِيِٕۭ بِمَا كَسَبَ رَهِينٞ} (21)

{ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ( 21 ) }

والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم في الإيمان ، وألحقنا بهم ذريتهم في منزلتهم في الجنة ، وإن لم يبلغوا عمل آبائهم ؛ لتَقَرَّ أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم ، فيُجْمَع بينهم على أحسن الوجوه ، وما نقصناهم شيئًا من ثواب أعمالهم . كل إنسان مرهون بعمله ، لا يحمل ذنب غيره من الناس .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱتَّبَعَتۡهُمۡ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَٰنٍ أَلۡحَقۡنَا بِهِمۡ ذُرِّيَّتَهُمۡ وَمَآ أَلَتۡنَٰهُم مِّنۡ عَمَلِهِم مِّن شَيۡءٖۚ كُلُّ ٱمۡرِيِٕۭ بِمَا كَسَبَ رَهِينٞ} (21)

قوله تعالى : { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين 21 وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون 22 يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم 23 ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون 24 وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون 25 قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين 26 فمنّ الله علينا ووقانا عذاب السموم 27 إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم } .

يبين الله حال أهل السعادة في الجنة وهو يتقلبون في النعيم والخيرات والبركة ، فضلا عما يغشى قلوبهم من البهجة والسرور والأمن . ويكتمل ذلك إذا لحقت بهم ذرياتهم لتقر بهم عيونهم فكانوا جميعا سعداء منعمين في الجنة . لا جرم أن هذه السعادة المثلى والفوز الكامل المبين .

قوله : { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم } هذه رحمة من الله بعباده المؤمنين ، إذ يدخلهم الجنة ويلحق بهم ذريتهم من الأولاد والنسل المؤمنين ، وإن كان دونهم في مراتب الإيمان والعمل الصالح ، وذلك لتكتمل بهجتهم وسعادتهم وتقر بهم عيونهم . وفي ذلك روي عن ابن عباس قال : إن الله ليرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه في العمل لتقر بهم عينه . وفي رواية عنه في تأويل الآية قال : هم ذرية المؤمن يموتون على الإيمان فإن كانت منازل آبائهم أرفع من منازلهم ألحقوا بآبائهم ولم ينقصوا من أعمالهم التي عملوها شيئا وهو قوله جل وعلا : { وما ألتناهم من عملهم من شيء } يعني ألحق الله الذريات بآبائهم في الجنة ولم ينقص الآباء شيئا من أعمالهم . وهذا فضل الله على الأبناء ببركة عمل آبائهم . أما فضل الله على الآباء ببركة دعاء أبنائهم فهو ظاهر ومعروف . وفي ذلك روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له " .

قوله : { كل امرئ بما كسب رهين } يعني لا يؤاخذ الله أحدا بذنب غيره بل كل واحد مؤاخذ بذنب نفسه ومرتهن بعمله الذي عمله من خير وشر .