لما فرغ سبحانه من ذكر أهل الجنة على العموم ذكر حال طائفة منهم على الخصوص ، فقال : { والذين ءامَنُواْ واتبعتهم ذُرّيَّتُهُم بإيمان أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرّيَّتَهُمْ } والموصول مبتدأ ، وخبره { أَلْحَقْنَا بِهِمْ } ويجوز أن يكون منصوباً بفعل مقدّر : أي وأكرمنا الذين آمنوا ، ويكون ألحقنا مفسراً لهذا الفعل المقدّر . قرأ الجمهور { واتبعتهم } بإسناد الفعل إلى الذرّية . وقرأ أبو عمرو ( أتبعناهم ) بإسناد الفعل إلى المتكلم ، كقوله : { ألحقنا } . وقرأ الجمهور : ( ذرّيتهم ) بالإفراد . وقرأ ابن عامر وأبو عمرو ويعقوب بالجمع ، إلاّ أن أبا عمرو قرأ بالنصب على المفعولية لكونه قرأ : ( وأتبعناهم ) ، ورويت قراءة الجمع هذه عن نافع ، والمشهور عنه كقراءة الجمهور . وقرأ الجمهور { ألحقنا بهم ذرّيتهم } بالإفراد . وقرأ نافع وابن عامر وأبو عمرو ويعقوب على الجمع ، وجملة : { واتبعتهم ذُرّيَّتُهُم } معطوف على { آمنوا } أو معترضة ، و { بإيمان } متعلق بالاتباع ، ومعنى هذه الآية : أن الله سبحانه يرفع ذرّية المؤمن إليه ، وإن كانوا دونه في العمل لتقر عينه وتطيب نفسه بشرط أن يكونوا مؤمنين ، فيختصّ ذلك بمن يتصف بالإيمان من الذرّية وهم البالغون دون الصغار ، فإنهم وإن كانوا لاحقين بآبائهم فبدليل آخر غير هذه الآية . وقيل : إن الذرّية تطلق على الكبار والصغار ، كما هو المعنى اللغوي ، فيلحق بالآباء المؤمنين صغار ذرّيتهم وكبارهم ، ويكون قوله : { بإيمان } في محل نصب على الحال : أي بإيمان من الآباء . وقيل : إن الضمير في { بِهِمُ } راجع إلى الذرّية المذكورة أوّلاً : أي ألحقنا بالذرّية المتبعة لآبائهم بإيمان ذرّيتهم . وقيل : المراد بالذين آمنوا المهاجرون والأنصار فقط ، وظاهر الآية العموم ، ولا يوجب تخصيصها بالمهاجرين والأنصار كونهم السبب في نزولها إن صحّ ذلك ، فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب { وَمَا ألتناهم مّنْ عَمَلِهِم مّن شَيْء } قرأ الجمهور بفتح اللام من : «ألتنا » وقرأ ابن كثير بكسرها : أي وما نقصنا الآباء بإلحاق ذرّيتهم بهم من ثواب أعمالهم شيئًا ، فضمير المفعول عائد إلى الذين آمنوا . وقيل : المعنى : وما نقصنا الذرية من أعمالهم شيئًا لقصر أعمارهم ، والأول أولى ، وقد قدمنا تحقيق معنى لاته وألاته في سورة الحجرات . وقرأ ابن هرمز ( آلتناهم ) بالمدّ ، وهو لغة ، قال في الصحاح : يقال : ما آلته من عمله شيئًا : أي ما نقصه { كُلُّ امرئ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ } رهين بمعنى مرهون ، والظاهر أنه عامّ ، وأن كل إنسان مرتهن بعمله ، فإن قام به على الوجه الذي أمره الله به فكه وإلاّ أهلكه . وقيل : هو بمعنى راهن ، والمعنى : كلّ امرئ بما كسب دائم ثابت . وقيل : هذا خاصّ بالكفار لقوله : { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلاَّ أصحاب اليمين } [ المدثر : 38 ، 39 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.