{ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاتَّبَعَتْهُمْ } قرأ أبو عمرو «وأتبعناهم » بالنون والألف «ذرياتهم » بالألف فيهما ، وكسر التائين لقوله : { أَلْحَقْنَا } { وَمَآ أَلَتْنَاهُم } ليكون الكلام على نسق واحد ، وقرأ الآخرون { وَاتَّبَعَتْهُمْ } بالتاء من غير ألف ثم اختلفوا في قوله : { ذُرِّيَّتُهُم } ، وقرأ أهل المدينة الأُولى بغير ألف وضم التاء ، والثانية بالألف وكسر التاء ، وقرأ أهل الشام بالألف فيهما وكسر تاء الثانية ، وهو اختيار يعقوب وأبي حاتم ، وقرأ الآخرون بغير ألف فيهما وفتح تاء الثانية ، وهو اختيار أبي عبيد .
واختلف المفسّرون في معنى الآية ، فقال قوم : معناها والذين آمنوا واتّبعتهم ذريّتهم التي بلغت الإيمان { بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ } الصغار الذين لم يبلغوا الإيمان ، وهو قول الضحّاك ورواية العوفي عن ابن عباس . فأخبر الله سبحانه وتعالى أنّه يجمع لعبده المؤمن ذرّيته في الجنة كما كان يحب في الدنيا أن يجتمعوا له ، ويدخلهم الجنة بفضله ويلحقهم بدرجته ، بعمل الأب من غير أن ينقص الآباء من أجور أعمالهم شيئاً فذلك قوله سبحانه : { وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ } يعني الآباء ، والهاء والميم راجعان إلى قوله : { وَالَّذِينَ آمَنُواْ } ، والألت : النقص والبخس .
أخبرني الحسن بن محمد بن عبد الله الحديثي ، قال : حدّثنا سعيد بن محمد بن إسحاق الصيرفي قال : حدّثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال : حدّثنا جنادة بن المفلس ، قال : حدّثنا قيس بن الربيع ، قال : حدّثنا عمرو بن المسرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنّ الله يرفع ذرية المؤمن معه في درجته في الجنة وإن كانوا دونه في العمل لتقرّ بهم عينه " ثم قرأ { وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ } قال : " ما نقصنا الآباء بما أعطينا ( البنين ) " .
وأخبرنا الحسن بن محمد قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن علي بن الحسن الهمداني ، قال : حدّثنا أبو عبد الله عمر بن نصر البغدادي ببردعة ، قال : حدّثنا محمد بن عبد الرَّحْمن بن غزوان ، قال : حدّثنا شريك بن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، قال : أظنّه ذكره عن النبىّ صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دخل أهل الجنة الجنة فسأل عن أبويه وزوجته وولده ، فيقال : إنّهم لم يدركوا ما أدركت ، فيقول : عملت لي ولهم ، فيؤمر بإلحاقهم به " وتلا ابن عباس : { وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ } .
وأخبرنا ابن فنجويه قال : حدّثنا القطيعي قال : حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدّثني عثمان بن أبي شيبة ، قال : حدّثنا محمد بن فضيل عن محمد بن عثمان عن زاذان عن علي قال : " سألتْ خديجة النبيّ صلى الله عليه وسلم عن ولدين ماتا في الجاهلية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هما في النار " قال : فلمّا رأى الكراهية في وجهها قال : " لو رأيت مكانهما لأبغضتِهما " قالت : يا رسول الله فولداي منك ؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
{ إن المؤمنين وأولادهم في الجنة ، وإن المشركين وأولادهم في النار }
ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ } { كُلُّ امْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ } من الخير والشر { رَهَينٌ } مرهون فيؤخذ بذنبه ولا يؤخذ بذنب غيره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.