النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱتَّبَعَتۡهُمۡ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَٰنٍ أَلۡحَقۡنَا بِهِمۡ ذُرِّيَّتَهُمۡ وَمَآ أَلَتۡنَٰهُم مِّنۡ عَمَلِهِم مِّن شَيۡءٖۚ كُلُّ ٱمۡرِيِٕۭ بِمَا كَسَبَ رَهِينٞ} (21)

{ وَالَّذِينَ ءَآمَنُواْ وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانِ } فيه أربعة تأويلات :

أحدها : أن الله يدخل الذرية بإيمان الآباء الجنة ، قاله ابن عباس .

الثاني : أن الله تعالى يعطي الذرية مثل أجور الآباء من غير أن ينقص الآباء من أجورهم شيئاً ، قاله إبراهيم .

الثالث : أنهم البالغون عملوا بطاعة الله مع آبائهم فألحقهم الله بآبائهم ، قاله قتادة .

الرابع : أنه لما أدرك أبناؤهم الأعمال التي عملوها تبعوهم عليها فصاروا مثلهم فيها ، قاله ابن زيد .

{ وَمآ أَلَتْنَاهُم منْ عَمَلِهِمِ من شَيْءٍ } فيه تأويلان :

أحدهما : ما نقصناهم ، قاله ابن عباس ، قال رؤبة{[2778]} :

وليلة ذات سرى سريت *** ولم يلتني عن سراها ليت

أي لم ينقصني ، ومعنى الكلام : ولم ينقص الآباء بما أعطينا الأبناء .

الثاني : معناه وما ظلمناهم ، قاله ابن جبير ، قال الحطيئة :

أبلغ سراة بني سعد مغلغلة *** جهد الرسالة لا ألتاً ولا كذباً{[2779]}

أي لا ظلماً ، ولا كذباً . ومعنى الكلام : لم نظلم الآباء بما أعطينا الأبناء ، وإنما فعل تعالى ذلك بالأبناء كرمة للآباء .

{ كُلُّ امْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ } فيه وجهان :

أحدهما : مؤاخذ كما تؤخذ الحقوق من الرهون .

الثاني : أنه يحبس ، ومنه الرهن لاحتباسه بالحق قال الشاعر :

وما كنت أخشى أن يكون رهينة *** لأحمر قبطي من القوم معتق


[2778]:في ك أبو ذؤيب وهو سهو. والبيت لرؤبة وهو في ديوانه.
[2779]:ذكر محقق طبقات فحول الشعراء الشيخ محمود شاكر صدر هذا البيت وقال أنه لم يهتد إلى عجزه.