تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَٱقۡصِدۡ فِي مَشۡيِكَ وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَۚ إِنَّ أَنكَرَ ٱلۡأَصۡوَٰتِ لَصَوۡتُ ٱلۡحَمِيرِ} (19)

{ واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير . . . }

التفسير :

أي امش مشيا وسطا بين ليس مثل دبيب المتماوتين ولا مثل سرعة المفرطين بل سيرا مقتصدا معتدلا والقصد : الاعتدال .

{ واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير . . . } أي : اخفض من صوتك واجعله قصدا ولا ترفعه إذا تكلمت فالصوت الهادئ أوقر للمتكلم وابسط لنفس السامع وفهمه وإن أقبح ما يستنكر من الأصوات ويستكره منها صوت الحمير .

وهذا تعبير بالصورة حيث لفت الأنظار إلى صورة الحمار عند نهيقه تحذيرا من رفع الصوت حتى لا يتنبه صاحبه بالحمار وهي صورة للتحذير والتنفير من رفع الصوت وقد استشهد الحافظ ابن كثير بحديث النبي صلى الله عليه وسلم " إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطانا " x ثم قال ابن كثير وقد أخرجه بقية الجماعة سوى ابن ماجة وفي بعض الألفاظ : " بالليل " فالله أعلم .

وساق ابن كثير في تفسيره طائفة من حكم لقمان مثل : إن الحكمة أجلست المساكين مجالس الملوك .

ثم ساق فصلا في الخمول والتواضع وفصلا آخر في ذم الشهرة أو الاشتهار بين الناس بالبدعة أو الفسوق ثم فصلا في حسن الخلق ثم فصلا في ذم الكبر وفصلا في ذم الاختيال .

وكلها تتلاقى على رسم صورة للمؤمن الموصول قلبه بالله فهو متواضع ملتزم بمكارم الأخلاق بعيد عن التكبر والتجبر يفر من البدعة والخروج عن الصراط المستقيم وهو ملتزم بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في رحمته وتواضعه ومراقبته لله وبعده عن التكبر والتجبر وهذا الوصايا النافعة في سورة لقمان ورد نظير لها في سورة الإسراء وأيضا ورد وصف عباد الرحمان في سورة الفرقان ومجموع هذه الوصايا التي وردت في الآيات 22-39 ، من سورة الإسراء وفي الآيات 63-77 ، من سورة الفرقان وفي الآيات 12-19 ، من سورة لقمان هذه المواطن الثلاثة في القرآن الكريم تكون نموذجا مثاليا لمكارم الأخلاق في القرآن الكريم كما ورد في السنة المطهرة طائفة من الأحاديث النبوية الصحيحة تحث المسلمين على التمسك بروح هذا الدين مثل التكافل والتراحم والتعاون والبعد عن الخصام والسخرية والاستهزاء وتطفيف الكيل والميزان والزنا والربا والغرور وأكل أموال الناس بالباطل .

أي أن القرآن والسنة يتلاقيان في الحث على مكارم الأخلاق ويحذران من الكبائر والرذائل .

قال صلى الله عليه وسلم : " إنما بعثت لأنعم مكارم الأخلاق " . xi

قال صلى الله عليه وسلم : " أن أحبكم إلي وأقربكم مني منازل يوم القيامة ، أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني منازل يوم القيامة الثرثارون المتشدقون المتفيهقون قيل يا رسول الله هؤلاء الثرثارون المتشدقون فما المتفيهقون ؟ قال " المتكبرون " . xii

***

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱقۡصِدۡ فِي مَشۡيِكَ وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَۚ إِنَّ أَنكَرَ ٱلۡأَصۡوَٰتِ لَصَوۡتُ ٱلۡحَمِيرِ} (19)

{ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ } أي : امش متواضعا مستكينا ، لا مَشْيَ البطر والتكبر ، ولا مشي التماوت .

{ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ } أدبا مع الناس ومع اللّه ، { إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ } أي أفظعها وأبشعها { لَصَوْتُ الْحَمِيرِ } فلو كان في رفع الصوت البليغ فائدة ومصلحة ، لما اختص بذلك الحمار ، الذي قد علمت خسته وبلادته .

وهذه الوصايا ، التي وصى بها لقمان لابنه ، تجمع أمهات الحكم ، وتستلزم ما لم يذكر منها ، وكل وصية يقرن بها ما يدعو إلى فعلها ، إن كانت أمرا ، وإلى تركها إن كانت نهيا .

وهذا يدل على ما ذكرنا في تفسير الحكمة ، أنها العلم بالأحكام ، وحِكَمِها ومناسباتها ، فأمره بأصل الدين ، وهو التوحيد ، ونهاه عن الشرك ، وبيَّن له الموجب لتركه ، وأمره ببر الوالدين ، وبين له السبب الموجب لبرهما ، وأمره بشكره وشكرهما ، ثم احترز بأن محل برهما وامتثال أوامرهما ، ما لم يأمرا بمعصية ، ومع ذلك فلا يعقهما ، بل يحسن إليهما ، وإن كان لا يطيعهما إذا جاهداه على الشرك . وأمره بمراقبة اللّه ، وخوَّفه القدوم عليه ، وأنه لا يغادر صغيرة ولا كبيرة من الخير والشر ، إلا أتى بها .

ونهاه عن التكبر ، وأمره بالتواضع ، ونهاه عن البطر والأشر ، والمرح ، وأمره بالسكون في الحركات والأصوات ، ونهاه عن ضد ذلك .

وأمره بالأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وإقامة الصلاة ، وبالصبر اللذين يسهل بهما كل أمر ، كما قال تعالى : فحقيق بمن أوصى بهذه الوصايا ، أن يكون مخصوصا بالحكمة ، مشهورا بها . ولهذا من منة اللّه عليه وعلى سائر عباده ، أن قص عليهم من حكمته ، ما يكون لهم به أسوة حسنة .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَٱقۡصِدۡ فِي مَشۡيِكَ وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَۚ إِنَّ أَنكَرَ ٱلۡأَصۡوَٰتِ لَصَوۡتُ ٱلۡحَمِيرِ} (19)

فيه ست مسائل :

الأولى- قوله تعالى : " واقصد في مشيك " لما نهاه عن الخلق الذميم رسم له الخلق الكريم الذي ينبغي أن يستعمله فقال : " واقصد في مشيك " أي توسّط فيه . والقصد : ما بين الإسراع والبطء ، أي لا تدب دبيب المتماوتين ولا تثب وثب الشطار ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن ) . فأما ما روي عنه عليه السلام أنه كان إذا مشى أسرع ، وقول عائشة في عمر رضي الله عنهما : كان إذا مشى أسرع - فإنما أرادت السرعة المرتفعة عن دبيب المتماوت . والله أعلم . وقد مدح الله سبحانه من هذه صفته حسبما تقّدم بيانه في " الفرقان " {[12598]} .

الثانية- قوله تعالى : " واغضض من صوتك " أي انقص منه ، أي لا تتكلف رفع الصوت وخذ منه ما تحتاج إليه ، فإن الجهر بأكثر من الحاجة تكلف يؤذي . والمراد بذلك كله التواضع . وقد قال عمر لمؤذن تكلف رفع الأذان بأكثر من طاقته : لقد خشيت أن ينشق مُرْيَطاؤك ! والمؤذن هو أبو محذورة سمرة بن معير{[12599]} . والمريطاء : ما بين السرة إلى العانة .

الثالثة- " إن أنكر الأصوات لصوت الحمير " أي أقبحها وأوحشها ، ومنه أتانا بوجه منكر . والحمار مثل في الذم البليغ والشتيمة ، وكذلك نهاقه ، ومن استفحاشهم لذكره مجردا أنهم يكنون عنه ويرغبون عن التصريح فيقولون : الطويل الأذنين ، كما يكنى عن الأشياء المستقذرة . وقد عد في مساوئ الآداب أن يجري ذكر الحمار في مجلس قوم من أولي المروءة . ومن العرب من لا يركب الحمار استنكافا وإن بلغت منه الرجلة{[12600]} . وكان عليه الصلاة والسلام يركبه تواضعا وتذللا لله تبارك وتعالى .

الرابعة- في الآية دليل على تعريف قبح رفع الصوت في المخاطبة والملاحاة{[12601]} بقبح أصوات الحمير ؛ لأنها عالية . وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطانا ) . وقد روي : أنه{[12602]} ما صاح حمار ولا نبح كلب إلا أن يرى شيطانا . وقال سفيان الثوري : صياح كل شيء شيء تسبيح إلا نهيق الحمير . وقال عطاء : نهيق الحمير دعاء على الظلمة .

الخامسة- وهذه{[12603]} الآية أدب من الله تعالى بترك الصياح في وجوه الناس تهاونا{[12604]} بهم ، أو بترك الصياح جملة ، وكانت العرب تفخر بجهارة الصوت الجهير وغير ذلك ، فمن كان منهم أشد صوتا كان أعز ، ومن كان أخفض كان أذل ، حتى قال شاعرهم :

جَهِير الكلام جهير العُطاس *** جهير الرُّواء جهير النَّعَمْ{[12605]}

ويعدُو على الأَيْن عَدْوَى الظَّلِيمِ *** ويعلو الرجال بخَلْق عَمَمْ{[12606]}

فنهى الله سبحانه وتعالى عن هذه الخلق الجاهلية بقوله : " إن أنكر الأصوات لصوت الحمير " أي لو أن شيئا يهاب لصوته لكان الحمار . فجعلهم في المثل سواء .

السادسة- قوله تعالى : " لصوت الحمير " اللام للتأكيد ، ووحد الصوت وإن كان مضافا إلى الجماعة لأنه مصدر والمصدر يدل على الكثرة ، وهو مصدر صات يصوت صوتا فهو صائت . ويقال : صوت تصويتا فهو مصوت . ورجل صات أي شديد الصوت بمعنى صائت ، كقولهم : رجال مال ونال ، أي كثير المال والنوال .


[12598]:راجع ج 13 ص 68.
[12599]:في الأصول: " معمر" بالميم بدل الياء وهو تحريف.
[12600]:الرجلة (بضم فسكون): المشي راجلا.
[12601]:الملاحاة: الملاومة والمباغضة.
[12602]:لفظة: "أنه" ساقطة من ج.
[12603]:في ك: "وفي هذه الآية إذن من الله تعالى بترك الصوت والصياح".
[12604]:في ج: "تهازيا".
[12605]:الرواء (بالضم والمد): المنظر الحسن. والنعم: الإبل.
[12606]:الأين: الإعياء. والخلق العمم: التام.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱقۡصِدۡ فِي مَشۡيِكَ وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَۚ إِنَّ أَنكَرَ ٱلۡأَصۡوَٰتِ لَصَوۡتُ ٱلۡحَمِيرِ} (19)

ولما كان النهي عن ذلك امراً بأضداده ، وكان الأمر بإطلاق الوجه يلزم منه{[53965]} الإنصاف في الكلام ، وكان الإنصاف {[53966]}في الكلام{[53967]} والمشي لا على طريق المرح {[53968]}والفخر ربما{[53969]} دعا إلى الاستماتة في المشي والحديث أو الإسراع في المشي {[53970]}والسر والجهر بالصوت{[53971]} فوق الحد ، قال محترساً في الأمر بالخلق الكريم عما يقارب{[53972]} الحال الذميم : { واقصد } أي اعدل وتوسط { في مشيك } لا إفراط ولا تفريط مجانباً لوثب الشطار{[53973]} ودبيب المتماوتين{[53974]} ، وعن ابن مسعود : كانوا ينهون عن خبب اليهود ودبيب النصارى ، والقصد في الأفعال كالقسط في الأوزان - قال الرازي في اللوامع ، وهو المشي الهون الذب ليس فيه تصنع للخلق {[53975]}لا بتواضع ولا بتكبر{[53976]} { واغضض } أي انقص ، ولأجل ما ذكر{[53977]} قال : { من صوتك } بإثبات " من " أي لئلا يكون صوتك منكراً ، وتكون برفع الصوت فوق الحاجة حماراً ، وأما مع الحاجة كالأذان فهو مأمور به .

ولما كان رفع الصوت فوق العادة منكراً كما كان خفضه دونها{[53978]} تماوتاً {[53979]}أو دلالاً{[53980]} وتكبراً ، وكان قد أشار إلى النهي عن هذا ب " من " فأفهم{[53981]} أن الطرفين{[53982]} مذمومان ، علل النهي {[53983]}عن الأول{[53984]} دالاً{[53985]} بصيغة " أفعل " {[53986]}على اشتراك الرفع كله في النكارة ذاكراً أعلاها تصويراً له بأقبح صورة تنفيراً{[53987]} عنه فقال : { إن أنكر } أي أفظع وأبشع وأوحش { الأصوات } أي كلها{[53988]} المشتركة في النكارة برفعها فوق الحاجة ، وأخلى{[53989]} الكلام عن لفظ التشبيه فأخرجه{[53990]} مخرج الاستعارة تصويراً لصوت الرافع صوته فوق الحاجة بصورة النهاق{[53991]} وجعل المصوت كذلك حماراً ، مبالغة في التهجين ، وتنبيهاً على أنه من كراهة الله له بمكان فقال{[53992]} : { لصوت الحمير } {[53993]}أي هذا الجنس ، لما له{[53994]} من الغلو المفرط من غير حاجة ، وأوله زفير وآخره شهيق ، وهما فعل أهل النار ، وأفرده ليكون نصاً على إرادة الجنس لئلا يظن أن الاجتماع شرط في ذلك ، و{[53995]}لذكر الحمار{[53996]} مع ذلك من بلاغة الذم والشتم ما ليس لغيره ، ولذلك يستهجن{[53997]} التصريح باسمه ، وهذا يفهم أن الرفع مع الحاجة غير مذموم فإنه ليس بمستنكر ولا مستبشع ، ولقد دعت هذه الآيات إلى معالي الأخلاق ، وهي أمهات الفضائل الثلاث : الحكمة والعفة والشجاعة ، وأمرت بالعدل فيها ، وهي{[53998]} وظيفة التقسيط الذي هو الوسط الذي هو مجمع الفضائل ، ونهت عن مساؤى الأخلاق ، وهي الأطراف التي هي مبدأ الرذائل الحاصل بالإفراط والتفريط ، فإقامة{[53999]} الصلاة التي هي روح العبادة المبنية على العلم هي سر الحكمة والأمر والنهي ، أمر بالشجاعة ونهى عن الجبن ، وفي النهي عن التصعير{[54000]} وما معه نهي عن التهور ، والقصد في المشي والغض في{[54001]} الصوت أمر بالعفة ونهي عن الاستماتة والجمود والخلاعة والفجور ، وفي النهي عن الاستماتة نهي عما قد يلزمها من الجربزة ، وهي الفكر بالمكر المؤدي إلى اللعنة ، وعن الانحطاط إلى البله والبلادة والغفلة ، والكافل بشرح هذا ما قاله الشيخ سعد الدين التفتازاني في الكلام على الإجماع من تلويحه ، قال : إن الخالق تعالى وتقدس قد ركب في الإنسان ثلاث قوى : إحداها{[54002]} مبدأ إدراك الحقائق ، والشوق إلى النظر في العواقب ، والتمييز بين المصالح والمفاسد{[54003]} ، ويعبر عنها بالقوة النطقية والعقلية والنفس{[54004]} المطمئنة الملكية ، والثانية مبدأ جذب{[54005]} المنافع وطلب الملاذ من المآكل والمشارب وغير ذلك ، وتسمى القوة الشهوية والبهيمية والنفس الأمارة ، والثالثة مبدأ الإقدام على الأهوال والشوق إلى{[54006]} التسلط والترفع ، وهي القوة الغضبية والسبعية والنفس اللوامة ، ويحدث من اعتدال الحركة الأولى الحكمة ، والثانية العفة ، والثالثة الشجاعة ، فأمهات الفضائل هي هذه الثلاث{[54007]} ، وما سوى ذلك إنما هو{[54008]} من تفريعاتها وتركيباتها ، وكل منها وكل منها محتوش بطر في إفراط وتفريط هما رذيلتان ، أما

الحكمة فهي معرفة الحقائق على ما هي عليه{[54009]} بقدر الاستطاعة ، وهي العلم النافع المعبر {[54010]}عنه بمعرفة{[54011]} النفس ما لها وما عليها المشار إليه بقوله تعالى :

ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً }[ البقرة : 269 ] وإفراطها الجربزة ، وهي استعمال الفكر فيما لا ينبغي كالمتشابهات ، وعلى وجه لا ينبغي ، كمخالفة الشرائع - نعوذ بالله من علم لا ينفع قلت : وهي بجيم ثم مهملة ثم موحدة ثم زاي مأخوذة من الجربز - بالضم ، وهو الخب ، أي الخداع الخبيث - والله أعلم ، وتفريطها الغباوة التي هي تعطيل القوة الفكرية بالإرداة والوقوف عن اكتساب العلوم النافعة ، وأما الشجاعة فهي انقياد السبعية للناطقة ليكون إقدامها على حسب الروية من غير اضطراب في الأمور الماثلة ، حتى يكون فعلها جميلاً ، وصبرها محموداً ، وإفراطها التهور ، أي الإقدام على ما لا ينبغي ، وتفريطها الجبن ، أي الحذر عما لا ينبغي ، وأما العفة فهي انقياد{[54012]} البهيمية للناطقة ، لتكون تصرفاتها بحسب اقتضاء الناطقة ، لتسلم عن استعباد{[54013]} الهوى إياها ، واستخدام اللذات ، وإفراطها الخلاعة والفجور ، أي الوقوع في ازدياد اللذات على ما يجب ، وتفريطها الجمود ، أي السكوت عن طلب اللذات بقدر ما رخص فيه العقل والشرع إيثاراً لا خلقة ، فالأوساط فضائل ، والأطراف رذائل ، وإذا امتزجت الفضائل الثلاث{[54014]} حصلت من اجتماعها حالة متشابهة هي العدالة ، فبهذا الاعتبار عبر عن العدالة بالوساطة ، أي في قوله تعالى :

{ وكذلك جعلناكم أمة وسطاً }[ البقرة : 143 ] وإليه أشير بقوله عليه الصلاة والسلام " خير الأمور أوساطها " والحكمة في النفس البهيمية بقاء البدن الذي هو مركب النفس الناطقة ليصل إلى كمالها اللائق بها ، ومقصدها المتوجه{[54015]} إليه ، وفي السبعية كسر البهيمية وقهرها{[54016]} ودفع الفساد المتوقع من استيلائها ، و{[54017]}اشترط التوسط{[54018]} في أفعالها لئلا تستعبد الناطقة {[54019]}هواهما وتصرفاها{[54020]} عن كمالها ومقصدها - انتهى .


[53965]:زيد من ظ وم ومد.
[53966]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[53967]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[53968]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الفخور مما.
[53969]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الفخور مما.
[53970]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الشد والجهد بالقوت.
[53971]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الشد والجهد بالقوت.
[53972]:في ظ: قارب.
[53973]:في ظ ومد: الشيطان.
[53974]:من مد، وفي الأصل وظ وم: المتمارتين.
[53975]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: تواضع ولا تكبر.
[53976]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: تواضع ولا تكبر.
[53977]:في ظ: ذكره.
[53978]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: دونهما.
[53979]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: وإذلالا.
[53980]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: وإذلالا.
[53981]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: أفهم.
[53982]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الطريقين.
[53983]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: أولا.
[53984]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: أولا.
[53985]:في ظ: وأتى.
[53986]:زيد في ظ: تنبيها.
[53987]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: تغيرا.
[53988]:زيد من ظ وم ومد.
[53989]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: أنحلى.
[53990]:في ظ ومد: وأخرجه.
[53991]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: النفاق.
[53992]:زيد من ظ وم ومد.
[53993]:في ظ ومد: لما له أي هذا الجنس.
[53994]:في ظ ومد: لما له أي هذا الجنس.
[53995]:في ظ: ذكر الحمير.
[53996]:في ظ: ذكر الحمير.
[53997]:في الأصل بياض ملأناه من ظ وم ومد.
[53998]:في مد: هو.
[53999]:في ظ: وإقامة.
[54000]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الصغير.
[54001]:زيد من ظ.
[54002]:من م ومد، وفي الأصل وظ: أحدها.
[54003]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: الصالح والفاسد.
[54004]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: العر ـ كذا.
[54005]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: جلب.
[54006]:زيد في الأصل: التوصل و، ولم تكن الزيادة في ظ وم ومد فحذفناها.
[54007]:في ظ وم ومد: الثلاثة.
[54008]:من ظ ومد، وفي الأصل وم: هي.
[54009]:زيد من م ومد.
[54010]:في ظ: عن معرفة.
[54011]:في ظ: عن معرفة.
[54012]:زيد من ظ وم ومد.
[54013]:من م، وفي الأصل وظ ومد: استبعاد.
[54014]:في كل النسخ: الثلاثة.
[54015]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: التوجه.
[54016]:في ظ: فترها.
[54017]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: اشتراط المتوسط.
[54018]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: اشتراط المتوسط.
[54019]:من م ومد، وفي الأصل وظ: هواها وتصرفاتها.
[54020]:من م ومد، وفي الأصل وظ: هواها وتصرفاتها.