فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱقۡصِدۡ فِي مَشۡيِكَ وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَۚ إِنَّ أَنكَرَ ٱلۡأَصۡوَٰتِ لَصَوۡتُ ٱلۡحَمِيرِ} (19)

{ واقصد فِي مَشْيِكَ } أي توسط فيه ، والقصد ما بين الإسراع والبطء ، يقال : قصد فلان في مشيته : إذا مشى مستوياً لا يدبّ دبيب المتماوتين ، ولا يثب وثوب الشياطين . وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى أسرع ، فلا بدّ أن يحمل القصد هنا على ما جاوز الحدّ في السرعة . وقال مقاتل : معناه لا تختل في مشيتك . وقال عطاء : امش بالوقار والسكينة . كقوله : { يَمْشُونَ على الأرض هَوْناً }[ الفرقان : 63 ] { واغضض مِن صَوْتِكَ } أي انقص منه ، واخفضه ولا تتكلف رفعه ، فإن الجهر بأكثر من الحاجة يؤذي السامع ، وجملة { إِنَّ أَنكَرَ الأصوات لَصَوْتُ الحمير } تعليل للأمر بالغضّ من الصوت ، أي أوحشها وأقبحها . قال قتادة : أقبح الأصوات صوت الحمير ؛ أوّله زفير وآخره شهيق . قال المبرد : تأويله إن الجهر بالصوت ليس بمحمود ، وإنه داخل في باب الصوت المنكر . واللام في { لصوت } للتأكيد ، ووحد الصوت مع كونه مضافاً إلى الجمع لأنه مصدر ، وهو يدلّ على الكثرة ، وهو مصدر صات يصوت صوتاً فهو صائت .

وقد أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أتدرون ما كان لقمان ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : كان حبشياً » .

/خ19