تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَٱقۡصِدۡ فِي مَشۡيِكَ وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَۚ إِنَّ أَنكَرَ ٱلۡأَصۡوَٰتِ لَصَوۡتُ ٱلۡحَمِيرِ} (19)

الآية 19 وكذلك يخرّج قوله : { واقصد في مشيك واغضض من صوتك } على الوجهين اللذين ذكرناهما :

أحدهما : على الأمر بقصد المشي وخفض الصوت حقيقة المشي وحقيقة الصوت .

والثاني : على الكناية عن كيفية المعاملة وماهيتها في ما بين الناس .

فإن كان على حقيقة المشي والصوت فكأنه يقول : أي اقصد في المشي في الناس ، ولا تمش متكبرا مستخفا بهم مستحقرا لتؤذيهم { واغضض من صوتك } أي لا ترفع صوتك فوق أصواتهم فتؤذيهم بالصوت . ولكن لينهم بالقول .

وقال بعضهم : امش هينا [ لينا ]( {[16223]} ) ناكس الرأس ناظرا حيث تمشي غير ناظر على ما [ لا ]( {[16224]} ) يحل ، ولا يسع ، ولا رافع صوتك على الناس ، فتؤذيهم ، فيكون صوتك عندهم كصوت الحمير .

وإن كان على الكناية عن الأحوال في المعاملة في ما بين الناس في الأمر بالمعروف [ والنهي عن المنكر ]( {[16225]} ) أي مُروا بالمعروف وانهوا /417-ب/ عن المنكر ، ولا تطلبوا لأنفسكم في ذلك العلو والرفعة ونفاذ القول وقبوله . ولكن كونوا في ذلك عادلين قاصدين غير طالبين العلو والرفعة ونفاذ القول وقبوله .

وقوله تعالى : { إن أنكر الأصوات لصوت الحمير } يحتمل [ وجوها :

أحدها ]( {[16226]} ) : ما ذكرنا ، أي لا ترفع صوتك على الناس ، فتؤذيهم ، كما يؤذي الحمار ، فيكون صوتك عليهم كصوت الحمار [ أو يذكر هذا لأن الحمار ]( {[16227]} ) إنما يصيح لحاجة نفسه وشهوته ، وسائر [ أصحاب ]( {[16228]} ) الأشياء إذ صاحوا إنما يصيحون لحاجة أهلها . فيقول( {[16229]} ) : إنكم أذا أمرتم بالمعروف ، ونهيتم عن المنكر ، فلا تفعلوا لمنفعة أنفسكم أو لحاجتكم ، ولكن قوموا لله في ذلك .

[ والثاني : ما ]( {[16230]} ) ذكرنا إذ( {[16231]} ) خص صوت الحمير ، لأنه ليس من صوت وفيه لذة ومنفعة( {[16232]} ) غير صوت الحمير ، فإنه ليس فيه لذة ولا منفعة .

[ والثالث ما : ]( {[16233]} ) قيل : إن أوله زفير ، وآخره شهيق [ فشبهه بزفير ]( {[16234]} ) أهل النار وشهيقهم .

وقوله تعالى : { إن الله لا يحب كل مختار فخور } قال [ بعضهم ]( {[16235]} ) المختال المتكبر البطر . وقال بعضهم : المختال الخدّاع الغدّار ، والفخور ، يحتمل الذي يفتخر بكثرة المال أو لما لا يرى أحدا شكلا لنفسه .


[16223]:من م، ساقطة من الأصل.
[16224]:من م، ساقطة من الأصل.
[16225]:من م، ساقطة من الأصل.
[16226]:في الأصل وم: وجهين أحدهما.
[16227]:من م، ساقطة من الأصل.
[16228]:ساقطة من الأصل وم.
[16229]:في م، فيذكر.
[16230]:في الأصل وم: أولما.
[16231]:في الأصل وم: أو.
[16232]:في الأصل وم: ومعونة.
[16233]:في الأصل وم: أو ذكر: لما.
[16234]:في الأصل وم: فشبه زفير.
[16235]:ساقطة من الأصل وم.