فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَٱقۡصِدۡ فِي مَشۡيِكَ وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَۚ إِنَّ أَنكَرَ ٱلۡأَصۡوَٰتِ لَصَوۡتُ ٱلۡحَمِيرِ} (19)

{ واقصد في مشيك } توسط فيه بين التماوت وشدة الإسراع .

{ واغضض من صوتك } انقص منه ، وخفض ، واقصر .

{ صوت الحمير } النهاق الذي أوله زفير وآخره شهيق .

{ واقصد في مشيك } بعد التخلية عن النقائص – تصعير الخد ، ومشي المرح ، الذي نهى الله تعالى عنه كذلك في سورة الإسراء فقال عز من قائل : )ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا( {[3433]}- جاءت الآية الكريمة تدل على التحلية ، وتهدي إلى الطريقة المرضية ، ومنها المشي القصد الذي هو وسط بين التماوت وشدة الإسراع ، { واغضض من صوتك } وانقص من صوتك وخفض منه واقصر ، فإن ذلك أرفق بك وبالناس ، { إن أنكر الأصوات لصوت الحمير } أشد الأصوات قبحا ونكرا صوت منفر ، من حيوان محقر ، ) . . ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون( {[3434]} ، هذا وقصص الكتاب العزيز عبرة " والقرآن حجة لك أو عليك " - كما جاء في الحديث الصحيح- فهل نقتدي بهدي الذين آتاهم ربنا الحكمة ؟ وهل يعظ الآباء الأبناء بمثل هذا الرشد والضياء ؟ ! )يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا . . ( {[3435]} فإنه " ما نحل والد ولده أفضل من أدب حسن " إن خسار الناس وهلاكهم وبوارهم واقع ما لم يتدارسوا منهاجهم ، ويلزموا ملتهم ودينهم : )والعصر . إن الإنسان لفي خسر . إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر( {[3436]} فالإيمان واليقين بالله الواحد نور القلوب وحياتها ، والصلاة رأس العبادة وعمودها ، والدعوة إلى الهدي طريق الأمة الخاتمة ومنهاجها : )قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني . . ( {[3437]} ، وحسن العشرة ، وأدب الصحبة ، تدرك بهما المودة والألفة ) والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض . . ( {[3438]} )إنما المؤمنون إخوة . . . ( {[3439]} ولقد وصف الحق سبحانه الذين يحبهم ويحبونه بأنهم أذلة على المؤمنين{[3440]} ، يقول ربنا الرحمان الرحيم : ) . . فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله . . ( {[3441]} .


[3433]:سورة الإسراء، الآية 37.
[3434]:سورة إبراهيم. من الآية 25.
[3435]:سورة التحريم. من الآية 6.
[3436]:سورة(والعصر(.
[3437]:سورة يوسف. من الآية 108.
[3438]:سورة التوبة. من الآية 71.
[3439]:سورة الحجرات. من الآية 10.
[3440]:أورد ابن كثير بحثا مستفيضا قد تزيد كلماته على ألفي كلمة، أورد فيه بابا فيما جاء في الشهرة، وفصلا في الخمول والتواضع، وفصلا في ذم الكبر وفصلا في الاختيال وساق أحاديث كثيرة لكن أكثرها لم يبلغ درجة الصحة.
[3441]:سورة المائدة. من الآية 54.