تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{هُوَ ٱلَّذِي يُسَيِّرُكُمۡ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۖ حَتَّىٰٓ إِذَا كُنتُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ وَجَرَيۡنَ بِهِم بِرِيحٖ طَيِّبَةٖ وَفَرِحُواْ بِهَا جَآءَتۡهَا رِيحٌ عَاصِفٞ وَجَآءَهُمُ ٱلۡمَوۡجُ مِن كُلِّ مَكَانٖ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُمۡ أُحِيطَ بِهِمۡ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ لَئِنۡ أَنجَيۡتَنَا مِنۡ هَٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (22)

{ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ 22 فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ 23 إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ 24 } .

المفردات :

حتى إذا كنتم في الفلك : في السفن في البحر .

جاءتها ريح عاصف : شديدة .

وظنوا أنهم أحيط بهم : أن الهلاك قد أحاط بهم ، وأحدق بهم .

مخلصين له الدين : دون آلهتهم وأوثانهم .

الدين : الطاعة لا يدعون سواه .

التفسير :

22 { هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ . . . } الآية .

الله تعالى يمدكم بتوفيقه وحفظه عند سيركم في البحر والجو ، وهو صاحب الفضل أن مهد لكم الأرض وسخر لكم البحر ، ويعرض القرآن لوحة حافلة بالحياة والحركة مليئة بالانفعالات ، هي صورة ركب في سفينة ، تسير رخاء بريح طيبة يفرح بها الراكبون ، ثم فاجأهم موقف خطير يحتوي على رياح عاصفة ، وأمواج عالية ، واغتلم البحر واشتدت الأزمة ، واقترب الموت وساد الفزع والخوف .

في هذه الشدة لا يلجأ الإنسان إلا إلى الله ، مخلصا له الدعاء والنداء ، متضرعا إليه في البأساء ، مترددا إليه في شدة الاضطراب والخوف .

قال تعالى : { وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه } . ( الإسراء : 67 ) .

وهذا دليل جديد من دلائل الألوهية دليل الدعاء والالتجاء إلى القوة الغيبية في الشدة والاضطرار ، وهم يناشدون الله ملحين في الدعاء : لئن تفضل عليهم بالنجاة ، وأنقذهم من براثن الموت ؛ ليخلصن له العبادة وليشكرنه على نعمه ، شكرا يليق بذاته الكريمة ، فلا يشركون معه في العبادة أحدا ، وليفردنه بالعبادة كما أفردوه بالدعاء .