الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{هُوَ ٱلَّذِي يُسَيِّرُكُمۡ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِۖ حَتَّىٰٓ إِذَا كُنتُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ وَجَرَيۡنَ بِهِم بِرِيحٖ طَيِّبَةٖ وَفَرِحُواْ بِهَا جَآءَتۡهَا رِيحٌ عَاصِفٞ وَجَآءَهُمُ ٱلۡمَوۡجُ مِن كُلِّ مَكَانٖ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُمۡ أُحِيطَ بِهِمۡ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ لَئِنۡ أَنجَيۡتَنَا مِنۡ هَٰذِهِۦ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (22)

{ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } يبحر بكم ويحملكم على التسيير ، وقرأ أبو جعفر وابن عامر : ينشركم بالنون من النشر ، وهو [ البسط ] في البر على الظهر وفي البحر على الفلك { حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ } أي في السفن يكون واحد أو جمعاً ، وقرأ عيسى الفلك بضم اللام .

{ وَجَرَيْنَ بِهِم } يعني جرت السفن بالناس وهذا خطاب تكوين رجع من الخطاب إلى الخبر { بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا } أي الريح { جَآءَتْهَا } يعني الفلك وهو جواب لقوله حتى إذا جاءتها { رِيحٌ عَاصِفٌ } شديد يقال : عصفت الريح وأعصفت والريح ، مذكر ومؤنث ، وقيل : لم يقل : عاصفة لاختصاص الريح بالعصوف ، وقيل : للنسب أي ذات صوف { وَجَآءَهُمُ } يعني سكان السفينة { الْمَوْجُ } وهو حركة الماء وأخلاطه { مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ } وأيقنوا { أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ } إذا أحاط بهم الهلاك { دَعَوُاْ اللَّهَ } هنالك { مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } للدعاء دون أوثانهم وكان مفزعهم إلى الله دونها .

روى [ الثوري ] عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيد في قوله تعالى : { مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } قال : قالوا في دعائهم : أهيا شراهيا وتفسيره : يا حيُّ يا قيوم { لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا } خلصتنا يا ربنا { مِنْ هَذِهِ } الريح العاصف { لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ } لك بالإيمان والطاعة