تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{تَٱللَّهِ لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَآ إِلَىٰٓ أُمَمٖ مِّن قَبۡلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَعۡمَٰلَهُمۡ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ ٱلۡيَوۡمَ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (63)

المفردات :

تالله : أقسم الله عز وجل بنفسه .

فهو وليهم : ناصرهم في الدنيا ، وبئس الناصر .

ولهم عذاب أليم : موجع في الآخرة .

التفسير :

{ تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم } .

أقسم الحق سبحانه وتعالى بنفسه مؤكدا : أنه أرسل رسلا ، وأنزل عليهم كتبا ، وبعثهم إلى أمم متعددة ، كأمة إبراهيم وأمة موسى ، وأمة عيسى ، وأمة نوح ، وأمة عاد ، وأمة صالح ، وغيرهم من الأمم ، لكن هذه الأمم لم تستجب لدعوة الأنبياء ، ولم تبادر إلى تصديق الرسل ، بل صدوا عن سبيل الله ، وكفروا برسل الله ، وزين لهم الشيطان هذا الكفر ، وأغراهم به فآثروا الباطل ، ورفضوا الإيمان ، وفي يوم القيامة ليس لهم ولي إلا الشيطان ، وعندئذ يرضخون تحت العذاب ، ويصلون جهنم ولا تنفعهم ولاية الشيطان .

وقريب من هذا المعنى قال الله تعالى : { وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم . . . }( إبراهيم : 22 ) .

ويحتمل أن يكون معنى{ فهو وليهم اليوم } : الإشارة إلى كفار مكة ، فيكون المعنى : { تالله } لقد بعثنا قبلك يا محمد رسلا إلى أقوامهم ، فحَسّن الشيطان لهم أعمالهم القبيحة حتى كذبوا الرسل ، ومثل هذا التزيين والتكذيب ، ما يقوم به كفار مكة ، فالشيطان وليهم اليوم ، وناصرهم ، وبئس الناصر ، ولهم عذاب أليم في الآخرة ؛ جزاء تكذيبهم الرسل وكفرهم بالله .

وقريب من هذا المعنى الثاني قوله تعالى : { الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون }( البقرة : 257 ) .